هو عبد القادر بن توفيق بن عبد الحميد بن محمد بن علي الشلبي الطرابلسي الحنفي المدني
ولد بمدينة طرابلس الشام سنة 1295هـ وتوفي والده وهو لم يتجاوز السادسة من عمره
فكفله أخوه الأكبر محمد الذي أدخله الكتاب فحفظ كتاب الله ثم التحق بإحدى المدارس
الدينية فتعلم العلوم العربية وأتقن فنونها وكذا العلوم الشرعية والعلوم العصرية وبعد ذلك
توجه إلى تعلم الخط على يد كبار الخطاطين فساعدته ملكته القوية وملاحظته الدقيقة على
الإتقان والإبداع فبرع واشتهر بالخطوط كلهاالنسخ والرقعة والثلث والفارسي والديواني
وبعض أنواع الزخرفة فأصبح من أبرع الخطاطين والمزخرفين في زمنه رغم سنه
الصغير وأخذ ينافس الخطاطين الكبار ومع هذا لم ينقطع عن طلب العلم الشرعي فأخذ عن
كبار مشايخ عصره فحفظ المتون العديدة وأكب على قراءة الفقه والحديث والتفسير
والفرائض وعلوم الآلة من نحو وصرف وبلاغة وغيرها وممن أخذ عنهم الشيخ العلامة
عبدالرحمن الرافعي والشيخ العلامة حسين الجسر الطرابلسي والعلامة الفقيه محيي الدين
الخطيب ومن مشايخه في الحجاز العلامة الفاضل حبيب الرحمن الكاظمي المدني والشيخ
السيد محمد بن جعفر الكتاني والعلامة الحنبلي عبد الله القدومي.
بدأ بالتدريس بأمر من مشايخه وهو ابن عشرين سنة في مساجد طرابلس ثم عين مدرساً
من قبل إدارة المعارف اللبنانية لتدريس الخطوط في الصفوف العليا في مدارسها وفي عام
1317هـ قدم الحجاز لأداء فريضة الحج وأقام في الروضة الشريفة ثمانية عشر يوماً
ومنها بدأ تعلقه بالحرم النبوي الشريف وبالمدينة المنورة وعاد إلى بلده وكله شوق إلى
الرجوع والإقامة في المدينة.
وفي عام 1319هـ عاد إلى المدينة بنية الإقامة وسكن مدرسة الكشميري واشتهر بين
علماء المدينة وطلابها وذاع صيته وأسند إليه مهمة التدريس أصول الفقه الحنفي وكانت
حلقته بجوار المكبرية تزخر بطلاب العلم، واتخذ داراً في باب قباء جعل الدورالسفلي
مدرسة سميت بمدرسة الشلبي وكان رحمه الله قوي الحجة واسع الاطلاع وقد تقلد عدة
وظائف منها..
*رئاسة السادة الأحناف بالمدينة المنورة.
*رئاسة هيئة التنقيب عن الآثار في جبل أحد ومقبرة سيد الشهداء وسائر‏ الأماكن الأثرية
بالمدينة المنورة.
*أسند إليه مهمة الوعظ والإرشاد للجنود العثمانيين المرابطين بالمدينة.
*في عهد الأشراف عين مديراً للمعارف واستمر مديراً للمعارف في العهد السعودي بأمر
من جلالة الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله.
*عين مديراً للمدرسة الناصرية.
*درس في عدة مدارس منها المدرسة الناصرية ومدرسة حسين آغا ومدرسة الكشميري،
ومدرسته التي قامت في منزله وغيرها.
وبقي يمارس هذه المهمات حتى تقاعده عام 1347هـ وحينئذ تفرغ للتدريس في المسجد
النبوي وكان له مجلس علمي وأدبي يحضره جلة من علماء وأدباء المدينة المنورة وضيوفها
وكان يتمتع بسمعة حسنة وذكر طيب في كثير من البلدان الإسلامية وكان من رواد مجلسه
الشيوخ إبراهيم بري وزكي برزنجي وزاهد زاهد وعمر حمدان وعبد الحفيظ الكوراني
وأحمد بساطي وغيرهم.
كلفه جلالة الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله بتجديد بعض الخطوط القبلية في المسجد
النبوي الشريف من آيات قرآنية وأحاديث شريفة وأسماء الرسول صلى الله عليه وسلم
وتميز الشيخ رحمه الله بملكة شعرية قوية فله مدائح فائقة للنبي صلى الله عليه وسلم وأهل
بيته والصحابة الكرام ومن شعره..
أنا جار هذا المصطفى وجداره حصن منيع
فاجعلـه يا مولاي في يوم الحساب لنا شفيع
وامنـن علي بتـوبة حتى أوارى في البقيــع
وانتفع بالشيخ كثير من طلاب العلم في المدينة المنورة وفي طرابلس وتخرج به علماء أجلاء
منهم السيد أحمد العربي والشيخ عبد الحق النقشبندي والشيخ جعفر فقيه والشيخ عارف براده
والشيخ محمد طاهر الطيب والشيخ علي حافظ وعثمان حافظ وغيرهم كثير.
وللشيخ مؤلفات في المجالات الدينية والتاريخية والاجتماعية وعددها يزيد على ستة عشر
مؤلفاً ومنها..
*تنبيه الأنام إلى وجوب الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام.
*رسائل في الفقه على المذاهب الأربعة.
*العلوم الحكيمة في نظر الشريعة الإسلامية.
*تاريخ المدينة (لم يكمله).
*مناقب أهل بدر (لم يكمله).
*مختصر السيرة النبوية.
*ديوان شعر.
ويتحدث كتابه (تاريخ المدينة) عن آثار المدينة الشريفة حدد فيه الأماكن الأثرية تحديداً
واضحاً وله مكتبة عامرة بالكتب النفيسة والمخطوطات النادرة وهي مهداة إلى مكتبة الملك
عبدالعزيز بالمدينة المنورة وتعد مكتبته من أكبر المكتبات فيها إذ تحتوي على 2169
مطبوعة و 88 مخطوطة.
توفي رحمه الله في أول ربيع الثاني سنة 1369هـ ودفن بالبقيع رحمه الله وأسكنه فسيح
جناته.

الشام بلد الإبداع