أطلقت الندوة
التداوليّة (المنصوص والمبصور بين الكتابة المصوّرة والصور المكتوبة) التي
شهدتها مدينة الشارقة، ضمن فعاليات (مهرجان الفنون الإسلاميّة)
من 14 ـ 16 سبتمبر 2008 بمشاركة عدد من الباحثين والنقاد والفنانين
التشكيليين العرب، تسميّة جديدة على ظاهرة (الحروفيّة العربيّة) هي
(المرسومات الخطيّة العربيّة) في محاولة لوضع هذا الاتجاه الفني المتعاظم
الحضور والفعل، في الحيّوات التشكيليّة العربيّة المعاصرة، ضمن سياق صحيح،
ومصطلحات سليمة،
[size=16]
[/size]
[size=16][size=16]
وبالتالي استدراك الأخطاء المرافقة لها، قبل أن تستشري فيصعب لمها أو
تصويبها، وإطلاق البدائل المناسبة والتأسيس عليها. [/size][/size]
[size=16][size=16][size=16]
كما أثارت الندوة جملة من التساؤلات المتعلقة بزمان ومكان انطلاقة هذه
الظاهرة، وتتبع روادها الأوائل، وتبيان الأهداف البعيدة والقريبة، الظاهرة
والمخفيّة الكامنة خلفها، مدعومة بالوثائق والبراهين، وضرورة القيام
بتصنيف ودراسة تجاربها، والتوثيق للعاملين في حقولها، لا سيما وأن ساحة
المرسومات الخطيّة العربيّة، باتت مُستباحة ومرغوبة ومُغرية، نتيجة تنامي
الطلب على مفرزاتها من الأعمال الفنيّة المسطحة والمجسمة، بغض النظر عن
قيمها الفنيّة. [/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16]
والسؤال الذي يفرض وجوده حالياً: هل المنجز البصري الحروفي العربي المعاصر
طفرة تراثيّة أم ريادة تشكيليّة؟ قد يصعب الإجابة الحاسمة على هذا
التساؤل، لكن ما هو مؤكد أن الحرف العربي شكّل ولا زال يُشكّل، أحد
المظاهر البارزة والرئيسة، للحضارة العربيّة الإسلاميّة، منذ صيرورتها
الأولى وحتى اليوم. تطور مع تطورها، وكان أهم روافعها، والوسيلة الأساس،
في نشرها وتعميمها، وفي نفس الوقت، عُومل هذا الخط، كعمل فني قائم بذاته،
له خصائصه ومزاياه التشكيليّة والتعبيريّة، التي شهدت بدورها، تطوراً
كبيراً، خلال مراحل تطور هذه الحضارة، ولا زال حتى يومنا هذا، موضع اهتمام
وبحث وتجريب، بهدف استيلاد منجز بصري عربي معاصر، مما يكتنز عليه، من قيم
تشكيليّة ودلاليّة وتعبيريّة. [/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
احتفظ الخط العربي بعافيته، تصونه وتحرسه، أصوله وقواعده ونظمه الراسخة،
وظل محط اهتمام وشغف العرب والمسلمين في أصقاع انتشارهم كافة، كونه لغة
القرآن الكريم الذي كان ولا زال، من أهم وأبرز عوالم حفظه وصونه وانتشاره،
سليماً معافى، ذلك لأن كل إنسان اعتنق الدين الإسلامي الحنيف، عليه تعلم
اللغة العربيّة، مهما كانت لغته الأم، ليتمكن من الإحاطة بأفكار وتعاليم
دينه، وممارستها بالشكل الصحيح والسليم، [/size][/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
[/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
وتالياً، عليه الاحتكاك بالخط العربي وطرزه والجماليات البصريّة التي تكتنزها حروفه وتشكيلاته. [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
النظرة التقديسيّة للغة التي نزل بها القرآن الكريم، دفعت الخطاط العربي
والمسلم، إلى التفنن بكتابة آياته، وتزيينها بالزخرفة الهندسيّة
والنباتيّة، والانكباب الدائم على تحسين خطوطه، وصولاً إلى الكمال الذي
يُقرّبه من الخالق. من أجل هذا، كانت مهمة خطاطي القرآن الكريم أشبه ما
تكون بالصلاة التي تقودهم إلى مرضاة الخالق، والفوز بجنته، ما دفعهم إلى
التباري في تحسين خطوطهم وإتقانها، وهذا الأمر لم يقتصر على كتابة
المصاحف، بل تعداها ليشمل أجناس وضروب الفنون العربيّة والإسلاميّة كافة،
بدءاً من العمارة والفنون التطبيقيّة، وانتهاءً بالحِرَف والصناعات
اليدويّة والمخطوطات وغيرها، حيث شكّل الخط العربي عنصراً رئيساً من عناصر
تزيينها وتحسينها، والرافعة الأساس لجمالياتها البصريّة والدلاليّة، وهذا
ما دفع غالبية الباحثين والدارسين، لاعتبار الخط العربي أكثر الفنون
عروبةً، لارتباطه الوثيق بالقرآن الكريم، والشريعة الإسلاميّة التي كان
لها فضل كبير في انتشاره وتعميمه. [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
من هنا، ولأهمية الخط العربي، وما يتمتع به من قدرات تشكيليّة تؤهله
للتجاوب مع إبداعات وابتكارات الفنان العربي والمسلم، في مجالات الفنون
كافة، انكب الخطاطون على حشد كل مهاراتهم للاستفادة من خصائص ومزايا الخط
العربي الفريدة والبديعة، واستنهاض أقصى ما يمكن من الجماليات التي تكتنز
عليها، تشكيلات حروفة الرشيقة، المطواعة، بل حرص بعضهم على تطويرها،
وابتكار طرز جديدة منها، تتوافق وتنسجم مع كل فن جديد!!. [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
هناك تجارب حروفيّة عربيّة وإسلاميّة معاصرة كثيرة، لا يتسع المجال هنا
للإحاطة بها جميعاً، لا سيما وأن المختبر الحروفي لا يزال يضخ حتى تاريخه،
وبشكل دائم ومتلاحق، تجارب متلاحقة على هذا الصعيد، لا تقتصر على لوحة
الحامل، وإنما تتجاوزها إلى فن النحت، وفن الحفر المطبوع، وفن الملصق،
وفنون السيراميك والخزف والقاشاني، والتطعيم والموزاييك ... وغيرها من
الفنون ذات السمة التشكيليّة الإبداعيّة، أو تلك التي تنضوي تحت اصطلاح
(الفنون التطبيقيّة) تارة، وتارةً أخرى تحت اصطلاح (الحرف والصناعات
اليدويّة). كما نالت العمارة المعاصرة في البلاد العربيّة والإسلاميّة،
بعضاً من تجارب المختبر الحروفي، وكل ذلك، يتم تحت يافطة البحث عن خصوصيّة
متميزة، لفنوننا المعاصرة التي تدل علينا دون سوانا، وتالياً التخلص من
تهمة التكرار والتقليد والاجترار، لما يُضخ إلينا من فنون الغرب. [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
بادئ ذي بدء، لا بد من الإقرار أن الحراك القائم حالياً في الحيوات
التشكيليّة العربيّة والإسلاميّة المعاصرة، محكوم بسجال مفتوح وحاد، بين
الفنان التشكيلي الحروفي وبين الخطاط، من جهة، وبين الفنان التشكيلي
الحروفي والفنان التشكيلي المشتغل على الاتجاهات الفنية السائدة في الفن
العالمي المعاصر، إذ أن الشكوك، وعدم الثقة، والتسفيه والإقصاء (وحتى
الإلغاء) هو ما يحكم العلاقة بينهما!!. [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
هذا الحراك المرافق لحالة متأزمة من تراشق التهم والتخوين والإلغاء، يتم
تحت خيمة (التراث والمعاصرة) التي حتى تاريخه، لم يتفق العاملون في حقول
الإبداع المختلفة، على مفهوم محدد لها، بحيث يمكن القول أنها تحولت إلى ما
يشبه حرب داحس والغبراء، لكثرة ما شهدت من أخذ ورد، وشد ورخي، بين مؤيد
ومناصر،وبين معارض ورافض، للجمع بينهما، في الوقت الذي يرى فيه البعض أن
القضية هنا محسومة حتماً، إذ لا انفصام ولا انفصال ولا تنافر ولا تناقض
بين (الأصالة) و(المعاصرة) بأي شكل من الأشكال، ما يحتم الكف عن هذا الجدل
العقيم، حول هذه المسألة وحسمها، وتالياً التوجه إل قضايا وإشكالات أخرى،
في ثقافتنا المعاصرة، أكثر إلحاحاً وأهمية من موضوع (الأصالة والمعاصرة)
المحسوم أصلاً، وما إثارة كل هذا اللغط حوله،سوى محاولة لإشغالنا عن
المسائل الجوهريّة والأساسيّة في ثقافتنا وحياتنا المعاصرتين، بهدف تكريس
ضياعنا الذي خلفه الاستعمار، بغية جعلنا في حاجة دائمة إليه وإلى إنجازاته
الثقافيّة والتقانيّة المحتاجة دوماً إلى متلقين ومستهلكين سلبيين !!. [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
[/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
بغض النظر عن تباين وجهات النظر واختلافها إلى مسألة (الأصالة والمعاصرة)
والكيفيّة المثاليّة للتوفيق والمواءمة بينهما، تبقى (الحروفيّة) إحدى أهم
وأبرز أشكال تحقيق هذه المعادلة، والخروج بمنجز بصري عربي إسلامي، لكن ما
يثار حول توظيف الحرف العربي في هذا المنجز، من تنظيرات وآراء تجنح نحو
الحدة والتناقض والتسفيه والإلغاء، تحوّل إلى نوع من الاشتباك السلبي
المنذر بمضاعفات خطيرة، ستطول الفن والفنانين، والأصالة والمعاصرة في آنٍ
معاً، ما يحتم فض هذا الاشتباك وتحويله إلى حوار إيجابي هادئ وفعّال،
يٌجيّر للظفر بالمنجز البصري العربي المطلوب، الحاضن للآن والمكان، في وقت
واحد. [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
قبل كل شيء وبعيداً عن أي نوع من التشنج والانقياد الأعمى للأفكار
المتطرفة الذاهبة إلى تقديس الموروث، بقضه وقضيضه، أو المتعصبة لكل ما
يفرزه عصر الخروقات التقانيّة المذهلة، لا بد لنا من الإقرار أن للحرف
العربي ميزاته التشكيليّة المتفردة والمغرية، بخوض غمار تجربة بصريّة معه،
على أن يتم إخضاعه لعمليات الإبداع التشكيلي الحديث، ضمن أسس ومعايير
ونظم، ترفع منه ولا تقزمه، تفجر طاقاته الجماليّة والتعبيريّة، ولا
تشوهها، لا سيما بعد أن أعطت بعض التجارب الحروفيّة، نتائج لافتة ومتطورة،
رغم المآخذ الكثيرة التي يمكن أن تُسجل على بعضها. بمعنى آخر: يجب على
التجارب الحروفيّة المعاصرة، إعادة الحرف إلى وحدته الشكليّة، ومن ثم إلى
تركيبته، ومنها إلى وظيفته التأملية الجماليّة، وأهدافه التي تتجاوز
المفهوم التشكيلي البصري المجرد من أي معنى أو دلالة أو إحاطة مضمونيّة. [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
في نفس الوقت، وعلى الرغم من أن الحروفيّة صارت تُشكّل اتجاهاً فنياً
معاصراً، له ثقله الكمي والنوعي قي حيواتنا التشكيلية العربية الحديثة،
وانها باتت تستقطب المزيد من الفنانين التشكيليين والخطاطين والحرفيين
يوماً بعد يوم، وكل يدلو بدلوه، في عملية إخضاع قدرات الحرف العربي
البصريّة والدلاليّة، للخروج بأثر فني جديد، يدل علينا دون غيرنا، على
الرغم من كل هذا، ليست الحروفيّة هي السبيل الوحيد لتحقيق ذلك، فأمام
فنانينا خيارات أخرى كثيرة ومتنوعة، يمكن أن تقودهم إلى نفس الهدف أو
الغاية، إذا ما أتقنوا التعامل معها، واستثمارها بالشكل الصحيح والسليم
والواعي. [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
الحروفيّة إذن، طريق البعض لإنجاز مُنتج بصري عربي معاصر، يحتضن نبض
الجذور الحضاريّة العربيّة الإسلاميّة، إذا ما تسلحوا بعشق حميمي لما
يشتغلون عليه، وخبرة عميقة ووافية، بخصائصه ونظمه وضوابطه الصحيحة، وطرائق
التعامل معه، ونبل وسمو الهدف والغاية والطموح. ولأن الحروفيّة تشتغل على
مفردة بصريّة عربيّة خالصة مقدسة لدى العرب والمسلمين، كونها احتضنت
القرآن الكريم، والسيرة النبويّة الشريفة، وتمتاز بالمرونة والمطواعيّة،
والانسيابيّة، والترابط، والليونة، وإمكانية الارتفاع بقوائمها، أو
الانخفاض بها، بالمط والمد. والصعود والهبوط. أو باستخدامها مفردة على
صورة واحدة أو اثنين أو ثلاث، أو باتصالها مع غيرها، وصولاً إلى عبارة
كاملة، بالإمكان تنضيدها بأكثر من شكل وموضع، ما يتيح للمتعامل معها،
إمكانية الصعود بحروفها أو الهبوط بها، وتحريكها يميناً أو يساراً، أو
إدخال حرف منها بحرف آخر، أو اختصار بعض من جسم الحرف، أو كتابة الحرف
والكلمة والعبارة، على سطر، أو ضمن دائرة، أو على هيئة شكل هندسي أو نباتي
أو حتى إنساني ... لأن الحرف العربي الذي تشتغل عليه الحروفيّة، يمتلك كل
هذه الخواص، بينما حروف اللغات الأخرى محكومة بسطرين، فهو مؤهل للتجاوب مع
أهداف وطموحات الحروفيين الأصيلين والخبيرين، في الوصول إلى المنجز البصري
المطلوب، وفق رؤية تجديديّة وتحديثيّة، تهدف إلى تطوير مفهوم استخدام
الحرف العربي، في التشكيل المعاصر. [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
[/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
ولنجاح هذه الرؤية، لا بد للفنان الحروفي من اعتماد الحرف العربي جزءاً لا
يتجزأ من المنجز البصري الحروفي، أو أساساً له، وليس مجرد إضافة تزينيّة
باهتة له. أو مجرد متكأ صغير، محكوم بنظرة فلكلوريّة سطحيّة وقاصرة. [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
وفي نفس الوقت، لا بد للفنان الحروفي من استيعاب التطور التقاني الطباعي
وتجاوزه من أجل التعامل مع الحرف العربي بروح جديدة، مغايرة للسائد
والمألوف نظرة تجديديّة إبداعيّة مسكونة بهاجس الابتكار والخلق، تطمح
لاستنهاض جماليات الحرف الكامنة فيه، دون إساءة أو تشويه لنسبه وقواعده.
بمعنى أن يكون استثماره للحرف العربي في تحقيق منجزه البصري الجديد،
ناهضاً ومبنياً على إنجازات الخط العربي الموروثة التي تعب للوصول إليها،
جهابذته ورواده، عبر عصور مختلفة. كما يجب التأكيد على ضرورة أن يُشكّل
منجزه البصري الحروفي الجديد، رافعة لتطوير الإدراك الحسي الجمالي لدى
المتلقي، من خلال المواءمة والتوفيق المنسجم، بين إنجازات القديم،
والإضافات التقانيّة الحديثة. ومحاولة البحث المتواصل والدائم، عن معطيات
وآفاق جديدة، تتناول بنية الحرف ونظمه ومعاييره، واستخلاص المزيد من
قدراته على التشكيل والتعبير، دون أي نوع من المساس بكينونته وخصائصه
ومقوماته وجمالياته المحسوبة بدقة. [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
مع ذلك، يجب الاعتراف أن المنجز البصري الحروفي العربي المعاصر، كان وما
زال وسيبقى، إشكاليّة مفتوحة ومستمرة، تماماً كما هو حال مفهوم الفن
وماهيته واتجاهاته ومدارسه، التي لا زالت موضوع أخذ ورد، بين الفنانين
والباحثين وعلماء الفن والجمال، منذ ظهور أولى الدراسات الفلسفيّة
الجماليّة حوله وحتى الآن. إذ أنه حتى تاريخه، لم يبت بماهية الفن بشكل
مطلق، ولا أُغلق الباب على قضاياه وشجونه، ولا انتهت تصنيفاته، ولا وافقت
الأكاديميات العالميّة على منح درجة الدكتوراه في جانبه العلمي، بسبب
حركته الدائمة، وتحولاته التي لا تهدأ، وإضافاته المستمرة التي تطول وسائل
تعبيره، ومضامينه، ومهامه ووظائفه، ما يجعله خارج أطر القوانين والأنظمة
والقياسات التي يمكن على أساسها منح هذه الدرجة العلميّة العالية. [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
لقد ثبتت في كل اللغات العلاقة العضويّة بين الفن وبين طيف واسع من
المهارات والعادات والخبرات العملية للإنسان، وعمر الفن يوشك أن يكون هو
عمر الإنسان. [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
من هنا، فإن إشكالية تحديد ماهية الفن التي بدأت مع ظهور الفلسفة والتاويل
والبحث الفكري المدون، بقيت قائمة ومفتوحة، وستبقى كذلك في المستقبل
القريب والبعيد، إذ من النادر أن يمر يوم جديد، دون أن يضاف إلى ماهية
الفن ومعناه ودوره في حياة الإنسان، ماهية ومعنى ودوراً جديداً، ومرد ذلك،
ارتباطه الوثيق بالحياة وتحولاتها المستمرة. [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
بناءً على هذه الحقيقة، ولأن (الحروفيّة) إحدى سواقي هذا النهر العظيم
الذي يدعى (الفن)، من الطبيعي أن تنتقل إليها إشكالاته المفتوحة أبداً
ودائماً، والتي منها تحديداً يأتي سر عظمته وحيويته وضرورته للإنسان
والحياة. [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
التداوليّة (المنصوص والمبصور بين الكتابة المصوّرة والصور المكتوبة) التي
شهدتها مدينة الشارقة، ضمن فعاليات (مهرجان الفنون الإسلاميّة)
من 14 ـ 16 سبتمبر 2008 بمشاركة عدد من الباحثين والنقاد والفنانين
التشكيليين العرب، تسميّة جديدة على ظاهرة (الحروفيّة العربيّة) هي
(المرسومات الخطيّة العربيّة) في محاولة لوضع هذا الاتجاه الفني المتعاظم
الحضور والفعل، في الحيّوات التشكيليّة العربيّة المعاصرة، ضمن سياق صحيح،
ومصطلحات سليمة،
[size=16]
[size=16][size=16]
وبالتالي استدراك الأخطاء المرافقة لها، قبل أن تستشري فيصعب لمها أو
تصويبها، وإطلاق البدائل المناسبة والتأسيس عليها. [/size][/size]
[size=16][size=16][size=16]
كما أثارت الندوة جملة من التساؤلات المتعلقة بزمان ومكان انطلاقة هذه
الظاهرة، وتتبع روادها الأوائل، وتبيان الأهداف البعيدة والقريبة، الظاهرة
والمخفيّة الكامنة خلفها، مدعومة بالوثائق والبراهين، وضرورة القيام
بتصنيف ودراسة تجاربها، والتوثيق للعاملين في حقولها، لا سيما وأن ساحة
المرسومات الخطيّة العربيّة، باتت مُستباحة ومرغوبة ومُغرية، نتيجة تنامي
الطلب على مفرزاتها من الأعمال الفنيّة المسطحة والمجسمة، بغض النظر عن
قيمها الفنيّة. [/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16]
والسؤال الذي يفرض وجوده حالياً: هل المنجز البصري الحروفي العربي المعاصر
طفرة تراثيّة أم ريادة تشكيليّة؟ قد يصعب الإجابة الحاسمة على هذا
التساؤل، لكن ما هو مؤكد أن الحرف العربي شكّل ولا زال يُشكّل، أحد
المظاهر البارزة والرئيسة، للحضارة العربيّة الإسلاميّة، منذ صيرورتها
الأولى وحتى اليوم. تطور مع تطورها، وكان أهم روافعها، والوسيلة الأساس،
في نشرها وتعميمها، وفي نفس الوقت، عُومل هذا الخط، كعمل فني قائم بذاته،
له خصائصه ومزاياه التشكيليّة والتعبيريّة، التي شهدت بدورها، تطوراً
كبيراً، خلال مراحل تطور هذه الحضارة، ولا زال حتى يومنا هذا، موضع اهتمام
وبحث وتجريب، بهدف استيلاد منجز بصري عربي معاصر، مما يكتنز عليه، من قيم
تشكيليّة ودلاليّة وتعبيريّة. [/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
احتفظ الخط العربي بعافيته، تصونه وتحرسه، أصوله وقواعده ونظمه الراسخة،
وظل محط اهتمام وشغف العرب والمسلمين في أصقاع انتشارهم كافة، كونه لغة
القرآن الكريم الذي كان ولا زال، من أهم وأبرز عوالم حفظه وصونه وانتشاره،
سليماً معافى، ذلك لأن كل إنسان اعتنق الدين الإسلامي الحنيف، عليه تعلم
اللغة العربيّة، مهما كانت لغته الأم، ليتمكن من الإحاطة بأفكار وتعاليم
دينه، وممارستها بالشكل الصحيح والسليم، [/size][/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
وتالياً، عليه الاحتكاك بالخط العربي وطرزه والجماليات البصريّة التي تكتنزها حروفه وتشكيلاته. [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
النظرة التقديسيّة للغة التي نزل بها القرآن الكريم، دفعت الخطاط العربي
والمسلم، إلى التفنن بكتابة آياته، وتزيينها بالزخرفة الهندسيّة
والنباتيّة، والانكباب الدائم على تحسين خطوطه، وصولاً إلى الكمال الذي
يُقرّبه من الخالق. من أجل هذا، كانت مهمة خطاطي القرآن الكريم أشبه ما
تكون بالصلاة التي تقودهم إلى مرضاة الخالق، والفوز بجنته، ما دفعهم إلى
التباري في تحسين خطوطهم وإتقانها، وهذا الأمر لم يقتصر على كتابة
المصاحف، بل تعداها ليشمل أجناس وضروب الفنون العربيّة والإسلاميّة كافة،
بدءاً من العمارة والفنون التطبيقيّة، وانتهاءً بالحِرَف والصناعات
اليدويّة والمخطوطات وغيرها، حيث شكّل الخط العربي عنصراً رئيساً من عناصر
تزيينها وتحسينها، والرافعة الأساس لجمالياتها البصريّة والدلاليّة، وهذا
ما دفع غالبية الباحثين والدارسين، لاعتبار الخط العربي أكثر الفنون
عروبةً، لارتباطه الوثيق بالقرآن الكريم، والشريعة الإسلاميّة التي كان
لها فضل كبير في انتشاره وتعميمه. [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
من هنا، ولأهمية الخط العربي، وما يتمتع به من قدرات تشكيليّة تؤهله
للتجاوب مع إبداعات وابتكارات الفنان العربي والمسلم، في مجالات الفنون
كافة، انكب الخطاطون على حشد كل مهاراتهم للاستفادة من خصائص ومزايا الخط
العربي الفريدة والبديعة، واستنهاض أقصى ما يمكن من الجماليات التي تكتنز
عليها، تشكيلات حروفة الرشيقة، المطواعة، بل حرص بعضهم على تطويرها،
وابتكار طرز جديدة منها، تتوافق وتنسجم مع كل فن جديد!!. [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
هناك تجارب حروفيّة عربيّة وإسلاميّة معاصرة كثيرة، لا يتسع المجال هنا
للإحاطة بها جميعاً، لا سيما وأن المختبر الحروفي لا يزال يضخ حتى تاريخه،
وبشكل دائم ومتلاحق، تجارب متلاحقة على هذا الصعيد، لا تقتصر على لوحة
الحامل، وإنما تتجاوزها إلى فن النحت، وفن الحفر المطبوع، وفن الملصق،
وفنون السيراميك والخزف والقاشاني، والتطعيم والموزاييك ... وغيرها من
الفنون ذات السمة التشكيليّة الإبداعيّة، أو تلك التي تنضوي تحت اصطلاح
(الفنون التطبيقيّة) تارة، وتارةً أخرى تحت اصطلاح (الحرف والصناعات
اليدويّة). كما نالت العمارة المعاصرة في البلاد العربيّة والإسلاميّة،
بعضاً من تجارب المختبر الحروفي، وكل ذلك، يتم تحت يافطة البحث عن خصوصيّة
متميزة، لفنوننا المعاصرة التي تدل علينا دون سوانا، وتالياً التخلص من
تهمة التكرار والتقليد والاجترار، لما يُضخ إلينا من فنون الغرب. [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
بادئ ذي بدء، لا بد من الإقرار أن الحراك القائم حالياً في الحيوات
التشكيليّة العربيّة والإسلاميّة المعاصرة، محكوم بسجال مفتوح وحاد، بين
الفنان التشكيلي الحروفي وبين الخطاط، من جهة، وبين الفنان التشكيلي
الحروفي والفنان التشكيلي المشتغل على الاتجاهات الفنية السائدة في الفن
العالمي المعاصر، إذ أن الشكوك، وعدم الثقة، والتسفيه والإقصاء (وحتى
الإلغاء) هو ما يحكم العلاقة بينهما!!. [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
هذا الحراك المرافق لحالة متأزمة من تراشق التهم والتخوين والإلغاء، يتم
تحت خيمة (التراث والمعاصرة) التي حتى تاريخه، لم يتفق العاملون في حقول
الإبداع المختلفة، على مفهوم محدد لها، بحيث يمكن القول أنها تحولت إلى ما
يشبه حرب داحس والغبراء، لكثرة ما شهدت من أخذ ورد، وشد ورخي، بين مؤيد
ومناصر،وبين معارض ورافض، للجمع بينهما، في الوقت الذي يرى فيه البعض أن
القضية هنا محسومة حتماً، إذ لا انفصام ولا انفصال ولا تنافر ولا تناقض
بين (الأصالة) و(المعاصرة) بأي شكل من الأشكال، ما يحتم الكف عن هذا الجدل
العقيم، حول هذه المسألة وحسمها، وتالياً التوجه إل قضايا وإشكالات أخرى،
في ثقافتنا المعاصرة، أكثر إلحاحاً وأهمية من موضوع (الأصالة والمعاصرة)
المحسوم أصلاً، وما إثارة كل هذا اللغط حوله،سوى محاولة لإشغالنا عن
المسائل الجوهريّة والأساسيّة في ثقافتنا وحياتنا المعاصرتين، بهدف تكريس
ضياعنا الذي خلفه الاستعمار، بغية جعلنا في حاجة دائمة إليه وإلى إنجازاته
الثقافيّة والتقانيّة المحتاجة دوماً إلى متلقين ومستهلكين سلبيين !!. [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
بغض النظر عن تباين وجهات النظر واختلافها إلى مسألة (الأصالة والمعاصرة)
والكيفيّة المثاليّة للتوفيق والمواءمة بينهما، تبقى (الحروفيّة) إحدى أهم
وأبرز أشكال تحقيق هذه المعادلة، والخروج بمنجز بصري عربي إسلامي، لكن ما
يثار حول توظيف الحرف العربي في هذا المنجز، من تنظيرات وآراء تجنح نحو
الحدة والتناقض والتسفيه والإلغاء، تحوّل إلى نوع من الاشتباك السلبي
المنذر بمضاعفات خطيرة، ستطول الفن والفنانين، والأصالة والمعاصرة في آنٍ
معاً، ما يحتم فض هذا الاشتباك وتحويله إلى حوار إيجابي هادئ وفعّال،
يٌجيّر للظفر بالمنجز البصري العربي المطلوب، الحاضن للآن والمكان، في وقت
واحد. [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
قبل كل شيء وبعيداً عن أي نوع من التشنج والانقياد الأعمى للأفكار
المتطرفة الذاهبة إلى تقديس الموروث، بقضه وقضيضه، أو المتعصبة لكل ما
يفرزه عصر الخروقات التقانيّة المذهلة، لا بد لنا من الإقرار أن للحرف
العربي ميزاته التشكيليّة المتفردة والمغرية، بخوض غمار تجربة بصريّة معه،
على أن يتم إخضاعه لعمليات الإبداع التشكيلي الحديث، ضمن أسس ومعايير
ونظم، ترفع منه ولا تقزمه، تفجر طاقاته الجماليّة والتعبيريّة، ولا
تشوهها، لا سيما بعد أن أعطت بعض التجارب الحروفيّة، نتائج لافتة ومتطورة،
رغم المآخذ الكثيرة التي يمكن أن تُسجل على بعضها. بمعنى آخر: يجب على
التجارب الحروفيّة المعاصرة، إعادة الحرف إلى وحدته الشكليّة، ومن ثم إلى
تركيبته، ومنها إلى وظيفته التأملية الجماليّة، وأهدافه التي تتجاوز
المفهوم التشكيلي البصري المجرد من أي معنى أو دلالة أو إحاطة مضمونيّة. [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
في نفس الوقت، وعلى الرغم من أن الحروفيّة صارت تُشكّل اتجاهاً فنياً
معاصراً، له ثقله الكمي والنوعي قي حيواتنا التشكيلية العربية الحديثة،
وانها باتت تستقطب المزيد من الفنانين التشكيليين والخطاطين والحرفيين
يوماً بعد يوم، وكل يدلو بدلوه، في عملية إخضاع قدرات الحرف العربي
البصريّة والدلاليّة، للخروج بأثر فني جديد، يدل علينا دون غيرنا، على
الرغم من كل هذا، ليست الحروفيّة هي السبيل الوحيد لتحقيق ذلك، فأمام
فنانينا خيارات أخرى كثيرة ومتنوعة، يمكن أن تقودهم إلى نفس الهدف أو
الغاية، إذا ما أتقنوا التعامل معها، واستثمارها بالشكل الصحيح والسليم
والواعي. [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
الحروفيّة إذن، طريق البعض لإنجاز مُنتج بصري عربي معاصر، يحتضن نبض
الجذور الحضاريّة العربيّة الإسلاميّة، إذا ما تسلحوا بعشق حميمي لما
يشتغلون عليه، وخبرة عميقة ووافية، بخصائصه ونظمه وضوابطه الصحيحة، وطرائق
التعامل معه، ونبل وسمو الهدف والغاية والطموح. ولأن الحروفيّة تشتغل على
مفردة بصريّة عربيّة خالصة مقدسة لدى العرب والمسلمين، كونها احتضنت
القرآن الكريم، والسيرة النبويّة الشريفة، وتمتاز بالمرونة والمطواعيّة،
والانسيابيّة، والترابط، والليونة، وإمكانية الارتفاع بقوائمها، أو
الانخفاض بها، بالمط والمد. والصعود والهبوط. أو باستخدامها مفردة على
صورة واحدة أو اثنين أو ثلاث، أو باتصالها مع غيرها، وصولاً إلى عبارة
كاملة، بالإمكان تنضيدها بأكثر من شكل وموضع، ما يتيح للمتعامل معها،
إمكانية الصعود بحروفها أو الهبوط بها، وتحريكها يميناً أو يساراً، أو
إدخال حرف منها بحرف آخر، أو اختصار بعض من جسم الحرف، أو كتابة الحرف
والكلمة والعبارة، على سطر، أو ضمن دائرة، أو على هيئة شكل هندسي أو نباتي
أو حتى إنساني ... لأن الحرف العربي الذي تشتغل عليه الحروفيّة، يمتلك كل
هذه الخواص، بينما حروف اللغات الأخرى محكومة بسطرين، فهو مؤهل للتجاوب مع
أهداف وطموحات الحروفيين الأصيلين والخبيرين، في الوصول إلى المنجز البصري
المطلوب، وفق رؤية تجديديّة وتحديثيّة، تهدف إلى تطوير مفهوم استخدام
الحرف العربي، في التشكيل المعاصر. [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
ولنجاح هذه الرؤية، لا بد للفنان الحروفي من اعتماد الحرف العربي جزءاً لا
يتجزأ من المنجز البصري الحروفي، أو أساساً له، وليس مجرد إضافة تزينيّة
باهتة له. أو مجرد متكأ صغير، محكوم بنظرة فلكلوريّة سطحيّة وقاصرة. [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
وفي نفس الوقت، لا بد للفنان الحروفي من استيعاب التطور التقاني الطباعي
وتجاوزه من أجل التعامل مع الحرف العربي بروح جديدة، مغايرة للسائد
والمألوف نظرة تجديديّة إبداعيّة مسكونة بهاجس الابتكار والخلق، تطمح
لاستنهاض جماليات الحرف الكامنة فيه، دون إساءة أو تشويه لنسبه وقواعده.
بمعنى أن يكون استثماره للحرف العربي في تحقيق منجزه البصري الجديد،
ناهضاً ومبنياً على إنجازات الخط العربي الموروثة التي تعب للوصول إليها،
جهابذته ورواده، عبر عصور مختلفة. كما يجب التأكيد على ضرورة أن يُشكّل
منجزه البصري الحروفي الجديد، رافعة لتطوير الإدراك الحسي الجمالي لدى
المتلقي، من خلال المواءمة والتوفيق المنسجم، بين إنجازات القديم،
والإضافات التقانيّة الحديثة. ومحاولة البحث المتواصل والدائم، عن معطيات
وآفاق جديدة، تتناول بنية الحرف ونظمه ومعاييره، واستخلاص المزيد من
قدراته على التشكيل والتعبير، دون أي نوع من المساس بكينونته وخصائصه
ومقوماته وجمالياته المحسوبة بدقة. [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
مع ذلك، يجب الاعتراف أن المنجز البصري الحروفي العربي المعاصر، كان وما
زال وسيبقى، إشكاليّة مفتوحة ومستمرة، تماماً كما هو حال مفهوم الفن
وماهيته واتجاهاته ومدارسه، التي لا زالت موضوع أخذ ورد، بين الفنانين
والباحثين وعلماء الفن والجمال، منذ ظهور أولى الدراسات الفلسفيّة
الجماليّة حوله وحتى الآن. إذ أنه حتى تاريخه، لم يبت بماهية الفن بشكل
مطلق، ولا أُغلق الباب على قضاياه وشجونه، ولا انتهت تصنيفاته، ولا وافقت
الأكاديميات العالميّة على منح درجة الدكتوراه في جانبه العلمي، بسبب
حركته الدائمة، وتحولاته التي لا تهدأ، وإضافاته المستمرة التي تطول وسائل
تعبيره، ومضامينه، ومهامه ووظائفه، ما يجعله خارج أطر القوانين والأنظمة
والقياسات التي يمكن على أساسها منح هذه الدرجة العلميّة العالية. [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
لقد ثبتت في كل اللغات العلاقة العضويّة بين الفن وبين طيف واسع من
المهارات والعادات والخبرات العملية للإنسان، وعمر الفن يوشك أن يكون هو
عمر الإنسان. [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
من هنا، فإن إشكالية تحديد ماهية الفن التي بدأت مع ظهور الفلسفة والتاويل
والبحث الفكري المدون، بقيت قائمة ومفتوحة، وستبقى كذلك في المستقبل
القريب والبعيد، إذ من النادر أن يمر يوم جديد، دون أن يضاف إلى ماهية
الفن ومعناه ودوره في حياة الإنسان، ماهية ومعنى ودوراً جديداً، ومرد ذلك،
ارتباطه الوثيق بالحياة وتحولاتها المستمرة. [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16][size=16]
بناءً على هذه الحقيقة، ولأن (الحروفيّة) إحدى سواقي هذا النهر العظيم
الذي يدعى (الفن)، من الطبيعي أن تنتقل إليها إشكالاته المفتوحة أبداً
ودائماً، والتي منها تحديداً يأتي سر عظمته وحيويته وضرورته للإنسان
والحياة. [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
السبت 07 نوفمبر 2015, 3:30 pm من طرف alimaza
» جسر سان فرانسيسكو-أوكلاند
الخميس 18 سبتمبر 2014, 10:36 pm من طرف مؤسس المنتدى
» هندسة - الصف الثاني الاعدادي - مراجعة عامة الجزء الثاني
الخميس 18 سبتمبر 2014, 9:44 pm من طرف مؤسس المنتدى
» توابع خسارة السوبر .. 3 دقائق "نفسنة" زملكاوية علي الأهلي
الخميس 18 سبتمبر 2014, 9:38 pm من طرف مؤسس المنتدى
» 19 سبتمبر
الخميس 18 سبتمبر 2014, 9:16 pm من طرف مؤسس المنتدى
» دفتر اليومية الامريكي مصمم بواسطة برنامج ال Excel بالعربي والانجليزي
الخميس 18 سبتمبر 2014, 9:11 pm من طرف مؤسس المنتدى
» اكبر عضو فى جسم الانسان
الخميس 20 ديسمبر 2012, 7:18 pm من طرف mohamed khafagy
» لماذا ماء الاذن مر وماء العين مالح وماء الفم عذب
الخميس 20 ديسمبر 2012, 7:15 pm من طرف mohamed khafagy
» اذا قرصت نمله لاتقتلها بل اشكرها
الخميس 20 ديسمبر 2012, 7:06 pm من طرف mohamed khafagy
» لماذا تهاجر الطيور على شكل سبعه
الخميس 20 ديسمبر 2012, 7:03 pm من طرف mohamed khafagy
» خطورة إبقاء نصف بصلة في الثلاجة!
الخميس 20 ديسمبر 2012, 6:59 pm من طرف mohamed khafagy
» اتفاق مبدئي بين الداخلية واتحاد الكرة على عودة الدوري 24 أغسطس
الجمعة 19 أكتوبر 2012, 4:15 pm من طرف سيد النشار
» اتحاد الكرة يؤكد عودة الدوري في موعده المحدد
الأحد 15 يوليو 2012, 1:34 pm من طرف mohamed khafagy
» وزارة الداخلية ترفض عودة الدوري
الأحد 15 يوليو 2012, 1:26 pm من طرف mohamed khafagy
» حمادة طلبة يوقع للزمالك الأحد واحتمالات لمشاركته أمام الأهلي
الأحد 15 يوليو 2012, 1:24 pm من طرف mohamed khafagy