ثانياً: مراحل نمو وتكوّن التعددية الحزبية(الظاهرة الحزبية)
يمكن القول إن الأحزاب والتنظيمات السياسية في اليمن (إضافةإلى المنظمات والنقابات والجمعيات...) لم تتأسس دفعة واحدة بل مرت في
نشأتها وتطورها عبر ثلاث مراحل تعبر في مجملها عن مراحل التطور السياسي
التي عاشها اليمن (الدولة والمجتمع) خلال القرن العشرين وهذه المراحل[3] هي:
1-مرحلة ما قبل الاستقلال
تمثّل هذه المرحلة الدعوة إلى بناء المجتمع المدني والدولة
الوطنية الحديثة، وفيها ظهرت البدايات الأولى لتأليف الأحزاب والتنظيمات
المدنية المختلفة، كآليات وأساليب عمل اعتمدتها الحركة الوطنية للمعارضة
منذ منتصف الثلاثينات من القرن العشرين. وكان للعمل الحزبي والجمعوي في هذه
المرحلة طابع خاص ارتبط بالوعي التقليدي المعبر عن طبيعة المرحلة
التاريخية، إذ إن المجتمع اليمني تغيب عنه مجمل ملامح التطور الحضاري
المعروفة خارجه. ومع تزايد حدة الصراع السياسي مع النظام الإمامي الحاكم في
الشمال والصراع السياسي والعسكري مع الاستعمار البريطاني في الجنوب تزايد
النشاط الحزبي واتسعت قاعدته الاجتماعية، وبدأت تتبلور الاتجاهات السياسية
المحددة للحركة الوطنية، وما ساعد على تفعيل نشاطها هو ما كانت تشهده مدينة
عدن من لحظة ليبرالية ساعدت على ظهور الأحزاب والتنظيمات النقابية
والجمعوية إضافة إلى المطبوعات الصحفية. ووفق تزايد اهتمام الحركة الوطنية
بالحركات السياسية التحررية السائدة حينها، كان يتزايد تأثرها الفكري
والسياسي والتنظيمي بها، الأمر الذي عكس نفسه في تكون العمل الحزبي وتعدد
تنظيماته، ولم تتبلور ملامحه إلا في منتصف الخمسينات. الجدير بالذكر أن
الخطاب السياسي لمختلف الأحزاب والتنظيمات كان خطاباً إصلاحياً يركز أساساً
على أساليب الارشاد الثقافي التوعوي كعمل تنويري يستهدف كشف زيف النظام
الإمامي بادعائه الحق الديني في ممارسة الحكم ورصد مظالمه، وهو بذلك كان
يرى أن التنوير الفكري والمعرفي سيمهد الطريق إلى التثوير للعلائق
الاجتماعية ومن ثم تغيير النظم السياسية ببديل وطني يعبر عن الشعب ويعاصر
حضارته.
الجدير بالذكر أن مختلف الأحزاب لم تعرف الاستقرار، بل كان
الصراع والانشقاق هو السمة السائدة، إذ عرفت الحركة الوطنية عدداً من الأطر
التنظيمية تباينت في أهدافها وفي القوى الاجتماعية الحاملة لها. هنا لا بد
من الإشارة إلى أن الطبقة المتوسطة التقليدية والقوى الراديكالية من أبناء
الفلاحين الذين تلقوا تعليماً عصرياً هم عماد الحركة الوطنية، ومع تزايد
الترابط بين الحركات التحررية في الوطن العربي (وتأثرها بالفكر الاشتراكي)
تزايد نضوج العمل الوطني، إذ تبلورت القوى الوطنية وتزايد الفرز السياسي
والأيديولوجي داخل الأحزاب وداخل المجتمع، الأمر الذي ترتب عليه تغييرات
وتحولات في لغة الخطاب السياسي وأساليبه. هنا شهدت الساحة اليمنية تبلور
فاعلية الأحزاب القومية واليسارية والتحول في نشاطها الذي جمع بين لغة
ثورية في خطابها وبين استخدام الكفاح المسلح في نضالها. وتزايد الترابط
والتداخل بين المكون الفكري الأيديولوجي وبين العمل السياسي الميداني، إذ
تتطلب الحركة الثورية نظرية ثورية بالضرورة. في هذا السياق، يمكن القول إن
التنظيمات السياسية التي فجرت الثورة وتسلمت قيادة الدولة الجديدة هي
تنظيمات جبهوية يمثل العسكر جزءاً كبيراً من قياداتها وأعضائها (الجبهة
القومية في الجنوب وتنظيم الضباط الأحرار في الشمال). إضافة إلى أن واقع
المجتمع اليمني أظهر ممارسة النشاط الحزبي والسياسي، ليس من خلال الأحزاب
فقط، بل من خلال عدد كبير من الجمعيات والنوادي والروابط، أُسس بعضها خارج
اليمن. ويوضح الجدول التالي أهم الأحزاب والتنظيمات السياسية التي ظهرت في
المرحلة الأولى[4]::
جدول رقم (4-1)
الأحزاب والتنظيمات السياسية التي ظهرت في مرحلة ما قبل الاستقلال (النصف الأول من القرن العشرين)
الأحزاب والتنظيمات السياسية التي ظهرت في مرحلة ما قبل الاستقلال (النصف الأول من القرن العشرين)
الحزب أوالتنظيم السياسي | التأسيس | المكان | المؤسس | ملاحظات |
حزب الأحرار | 1944 | عدن | النعمان + الزبيري | أصدر الحزب صحيفة صوت اليمن |
الجمعية اليمنية الكبرى | 1946 | عدن | النعمان + الزبيري + الحكيمي | مع تفكك حزب الأحرار أعاد نفس المؤسسين وبإنضمام أشخاص جدد تأسيس هذه الجمعية وبعد عامين جرى تأسيس الاتحاد اليمني |
الجمعية العدنية | 1950 | عدن | هيئة إدارية برئاسة حسن علي بيومي وعضوية أحمد خليل، علي محمد لقمان | اتجاهها السياسي انفصالي وتضم ممثلي برجوازيي عدن أغلبهم من غير اليمنيين |
حزب رابطة أبناء الجنوب | 1950 | عدن | محمد علي الجفري +شيخان الحبشي | |
الحزب الوطني الاتحادي | 1954 | عدن | حسن علي بيومي | حزب موالٍ للاستعمار البريطاني |
حزب المؤتمر الشعبي | 1954 | عدن | | تحولت الجمعية العدنية إلى هذا الحزب وكلاهما ذو اتجاه موالٍ للاستعمار البريطاني |
الجبهة الوطنية المتحدة | 1955 | عدن | | |
حركة القوميين العرب – فرع اليمن- | 1959 | عدن | الطلاب اليمنيين الدارسين في مصر والعراق ولبنان | |
الاتحاد الشعبي الديمقراطي | 1961 | عدن | عبد الله باذيب | تأليف أول حزب ماركسي |
حزب الشعب الاشتراكي | 1962 | عدن | عبد الله الاصنج | |
الجبهة القومية | 1963 | صنعاء | قيادة جماعية | تكتل جبهوي وطني يعتمد الكفاح المسلح (جنوب اليمن) |
تنظيم الضباط الأحرار | 1961 | صنعاء، تعز | علي عبد المغنى | تكتل عسكري، مدني (شمال اليمن) |
[b]2-مرحلة ما بعد الاستقلال [/b]
(الدولة الوطنية الحديثة - الدولة الشطرية 1962-1990) اتسمت
بظهور دولة شبه مؤسسية يتولى قيادتها نخبة من أبناء المجتمع تتباين جذورهم
الاجتماعية، لا خبرة لديها في الإدارة السياسية والإنمائية، رأى فيها
الشعب بغيته في الخروج من أسر الحياة السياسية التقليدية تنظيمياً وفكرياً
وعلائقياً واللحاق بركب التطور الحضاري العالمي. هنا اعتمدت الدولة خطاباً
يركز على أهمية التعبئة والحشد لكل طاقات المجتمع من أجل الإسراع في عمليات
التحديث والتنمية التي تقودها الدولة، مع العلم أن هذه المرحلة عرفت وجود
نظاميين سياسيين لدولتين في كلا شطري الوطن يختلفان في طبيعة التوجهات
السياسية والأيديولوجية، إلا أن كلاهما تماثلا في نفي التعدد السياسي
والحزبي (غياب الديمقراطية) وما ارتبط بذلك من اتجاه الدولة إلى ابتلاع
المجتمع المدني أو تقييده واحتوائه من خلال ربطه بمؤسسات الدولة الرسمية.
في هذا السياق، عرفت الأحزاب والتنظيمات السياسية والجمعوية
تجربة مغايرة لما كانت الحال عليه في المرحلة السابقة. ولما كانت الدولة
الحديثة هي نتاج نضال شعبي تبلور في أطر تنظيمية متعددة ومتنوعة، فإن هذه
الأخيرة لم تكن مرحباً بها من النخبة السياسية الجديدة، الأمر الذي تولد
عنه دورة جديد من دورات الصراع والعنف، مع الفارق أن الدورة الأولى من
الصراع والعنف كانت ضد الاستعمار الغربي وضد الاستبداد الثيوقراطي القائم
على نزعة سلالية، أما الدورة الثانية فكانت ضد أبناء المجتمع أنفسهم وفي
مقدمهم الذين ناضلوا في سبيل الحرية والاستقلال. هذه المرحلة لم تعرف
الاستقرار السياسي، إذ إن النهج اللاديمقراطي هو ميزة النخبة الحاكمة، التي
ذهبت في اعتماد منهج الإقصاء والنفي والقتل لكل معارض أو مخالف لها في
الفكر والاتجاه. هنا ظهرت أحزاب وتنظيمات سياسية بعضها مغاير لما شهدته
المرحلة الأولى وبعضها له نشأة جديدة.
الجدير بالذكر أن هذه المرحلة شهدت التحول في العمل الحزبي
من العلن إلى السر، ما عدا الأحزاب الحاكمة التي سيطرت على مقاليد السلطة
في كلا الشطرين، وعلى الرغم من اعتماد النخبة الحاكمة في الجنوب لخطاب
تحديثي له مشروع سياسي تجديدي للدولة والمجتمع يركز على تحرر الفرد من
التنظيمات التقليدية القبلية، فإن النخبة الحاكمة في الشمال اعتمدت خطاباً
تلفيقياً يجمع في سياقه بين التقليدية والتحديث، يركز على تنمية المجتمع
وتحديثه والانفتاح على العالم، لكنه في الوقت نفسه يؤكد تمسكة بالأطر
التقليدية القبلية ومنظومتها الثقافية وفق ادعائه الجمع بين الأصالة
والمعاصرة. شهدت هذه المرحلة تعدداً في النخب الحاكمة وفي تنظيماتها
الحزبية، إذ كان تعاقب هذه النخب والأحزاب لا من قبيل التناوب السلمي بل من
خلال انقلابات عسكرية. وفي الوقت الذي شهد اليمن حروب عسكرية بين النظامين
في الشطرين، ظهرت أحزاب معارضة لكلا النظامين اتخذ بعضها من الخارج مقار
ثابتة له والبعض الآخر استقر في الداخل. هذه الأحزاب التي تعددت وتنوعت
خطاباتها وأيديولوجياتها ويمكن جمعها في ثلاث تيارات أو حركات هي (التيار
القومي، والتيار اليساري الاشتراكي، والتيار الأصولي الإسلاموي). وأهم
الأحزاب والتنظيمات السياسية التي ظهرت في مرحلة ما بعد الاستقلال: الحزب
الاشتراكي اليمني الذي تأسس في تشرين الأول/ أكتوبر 1978 (الحزب الحاكم في
الجنوب 1978-1990) والمؤتمر الشعبي العام الذيتأسس في آب/ أغسطس1982 (الحزب
الحاكم في الشمال 1982-1990).
إن ظهور الحزبين الحاكمين في كلا الشطرين سبقهما تجارب
متعددة من تأليف أحزاب مماثلة، فالحزب الاشتراكي اليمني أعلن تأسيسه عام
1978، لكن سبقه مخاض طويل يعكس المسار التاريخي في تأسيسه، بدءاً من أول
خلية ماركسية في عدن تمارس نشاطها في السر حيناً وفي العلن حيناً آخر، ثم
ظهور أول حزب سياسي ماركسي في الجنوب عام 1960 هو الاتحاد الشعبي
الديمقراطي الذي عقد مؤتمره التأسيسي في 22 تشرين الأول/ أكتوبر 1961. ومع
تزايد حدة الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني ظهرت الجبهة القومية كإطار
تنظيمي جبهوي لهذه المرحلة. وهذه الأخيرة تزايد تغلغل الأفراد والجماعات
الماركسية فيها وتزايد اعتمادها الخط الفكري والأيديولوجي اليساري، الأمر
الذي ترتب عليه أنه حين تسلمت الجبهة القومية السلطة من الإدارة
الاستعمارية في 30 تشرين الثاني/ نوفمبر 1967 تبلور توجهها باعتماد التوجه
الماركسي الاشتراكي كفلسفة مرجعية للدولة الوليدة. وفق ذلك كان واقع
المجتمع يعكس وجوداً ملموساً لعدد من الأحزاب والتنظيمات القومية، الأمر
الذي تطلب من النخبه الحاكمة التي تطمح إلى تأسيس حزب يكون الإطار السياسي
الرسمي، أن تسعى لمزيد من الحوار مع الأحزاب القومية واليسارية القائمة
وغيرها من القوى الاجتماعية، فكان إعلان التنظيم السياسي الموحد – الجبهة
القومية عام 1975 (هذا التنظيم ناتج من اتحاد بين ثلاثة أحزاب هي: الجبهة
القومية وحزب الطليعة الشعبية واتحاد الشعب الديمقراطي). ومع مزيد من
الحوار والضغط من الجبهة القومية المسيطرة جرى دمج هذه الأحزاب في حزب واحد
أعلن عن تأسيسه في مؤتمره الأول عام 1978. وهكذا أصبح الحزب الاشتراكي هو
الحزب الحاكم في جنوب اليمن. أما في الشمال فقد سيطرت نخبة تقليدية على
مؤسسات الدولة الوليدة عام 1962 عقب نجاح الثورة، على الرغم من وجود عدد من
رموز تنظيم الضباط الأحرار في رئاسة الدولة ومؤسساتها المختلفة، إلا أن
الصراع والتقاتل دبا على السلطة بين النخبة الحاكمة (الجناح الجمهوري) وبين
القوة المضادة من الملكيين بدعم من العربية السعودية. في هذا السياق
اعتمدت قيادة جماعية في إدارة الدولة، إلا إنها لم تكن فاعلة، فاتجه الرئيس
السلال عام 1966 إلى تأسيس الاتحاد الشعبي الثوري ليصبح التنظيم السياسي
الرسمي. الذي لم يستمر بدوره أكثر من عام فأخرج الانقلاب العسكري الأول
قيادة جديدة عكست انتصار اليمين الجمهوري، في هذه المرحلة تأسس الاتحاد
اليمني كإطار تنظيمي سياسي مع الاستمرار بحظر التعددية الحزبية. وكان
الانقلاب الثالث عام 1974 الذي أظهر قيادة عسكرية اتجهت إلى تأسيس اللجنة
العلياء للتصحيح كخطوة أولى نحو تكوين التنظيم السياسي الرسمي، مع استمرار
تأكيدها حظر التعددية الحزبية. لم تستمر هذه المرحلة أكثر من ثلاث سنوات،
فكان ظهور مرحلة جديدة تمثل فيها المؤتمر الشعبي العام كإطار تنظيمي سياسي
لقيادة الدولة والمجتمع، وهو الحزب أو التنظيم الذي استمر حتى عام 1990،
حين جرى إعلان الوحدة وظهور مرحلة جديدة من العمل السياسي والحزبي وفق
متغيرات نوعية وخطيرة محلياً وإقليمياً ودولياً.
شهدت الفترة الممتدة من عشية الاستقلال والثورة إلى ظهور
الحزبين الحاكمين الاشتراكي والمؤتمر ظهور عدّة أحزاب وتنظيمات. فحين تسلمت
الجبهة القومية السلطة في الجنوب كان الواقع المجتمعي يزخر بتعددية حزبية
بعضها ذات قيادة موحدة في عموم اليمن. وكذلك هي الحال حين تسلم تنظيم
الضباط الأحرار السلطة في الشمال. وعلى الرغم من الاعتراف القانوني بنظامي
الحكم في الشطرين عربياً وعالمياً. فقد تباينت أنماط العلائق معهما من قبل
المحيط العربي والدولي وفق تباين المشروع السياسي لدى كل منهما عن الآخر،
الأمر الذي عكس نفسه في تزايد عمليات الاستقطاب وفق متطلبات الحرب الباردة.
ولما كان النظام الحاكم في كلا الشطرين يعتمد النهج اللاديمقراطي، بما
يتضمنه من تغييب المشاركة السياسية وتقليص التمثيل السياسي لمختلف القوى
والتنظيمات السائدة في المجتمع، غير أن هذه الأخيرة، على الرغم من غياب
الاعتراف العلني بها، كانت تمثل قوى ضغط قوية، الأمر الذي أجبر النظام
الحاكم في كلا الشطرين على التحاور سراً معها، بل جرى بينهما عدد من
الاتفاقات التي تستهدف تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي، حتى إن عدداً
من عمليات تأليف الحكومات، وبخاصة في الشمال، كانت تتضمن في عضويتها ممثلين
لأحزاب المعارضة (هنا تكمن المفارقة الكبرى، إذ كان للأحزاب القومية
واليسارية فاعلية كبيرة في واقع المجتمع وتأثير ملموس في الدولة، الأمر
الذي تضاءل إلى حد كبير في مرحلة الوحدة التي شهدت انفتاحاً سياسياً
واعترافاً رسمياً بالتعددية الحزبية). وفي ما يلي رصد لأهم الأحزاب
والتنظيمات السياسية المعارضة في كلا شطري اليمن[5] (التي تعبر عن مرحلة العمل الحزبي السري):
- جبهة الوطنية الديمقراطية (11 شباط/ فبراير 1976).
- حزب الوحدة الشعبية: تنظيم سياسي يتبنى الفكر الاشتراكي
وهو نتاج توحد عدد من الأحزاب ذات المنحى الفكري والأيديولوجي اليساري
أعلن تأسيسه عام 1979 من الأحزاب والتنظيمات التالية (الحزب الديمقراطي
الثوري اليمني وحزب الطليعة الشعبية ومنظمة المقاومين الثوريين اليمنيين
وحزب العمل اليمني واتحاد الشعب الديمقراطي).
- التيار القومي البعثي (جناح عراقي، جناح سوري).
- التيار القومي
الناصري: ظهر لهذا التيار أكثر من حزب أهمها التنظيم الوحدوي الناصري. ومع
تزايد الصراع بينه وبين الحزب الحاكم تمخض تنظيم جبهوي مسلح هو (جبهة 13
حزيران/ يونيو للقوى الشعبية).
- التيار الديني
(سلفي أصولي): ظهور جماعات تتبنى فكراً وتنظيماً منقولين كلياً عن الاخوان
المسلمين في مصر وتجربة حسن البناء، ثم تعددت جماعات الأخوان وتنوعت وبرز
اتجاه وهابي بتأثير من العربية السعودية تمثلت جميعها بتيار الإخوان
المسلمين في اليمن. كان هذا التيار هو الأكثر تحالفاً مع جميع النخب
الحاكمة في الشمال وتزايدت هيمنته في الدولة والمجتمع في إطار تحالفه مع
المؤتمر الشعبي والرئيس علي عبد الله صالح الذي كان يحتاج إلى هذا التحالف
في صراعه الأيديولوجي والعسكري مع الحزب الاشتراكي في الجنوب ومع المعارضة
في الشمال، حيث الصراع العسكري بين الجبهة الوطنية والدولة. هنا تكونت وفق
تحالف الإخوان مع المؤتمر الجبهة الإسلامية عام 1982 النقيض للجبهة
الوطنية. رغب الإخوان في التحالف من أجل التمكن من الانتشار في المجتمع ومن
فرض أغلب أجندة عملهم ومشروعهم في مختلف المجالات، وبخاصة في مجال التعليم
والتشريعات. والجدير بالذكر أن الإخوان المسلمين في اليمن يرون في الأحزاب
القومية واليسارية والليبرالية جميعها فكراً معادياً للعقيدة ولخصوصية
المجتمع اليمني.
- التجمع القومي
لجنوب اليمن تأسس في 26 نيسان/ أبريل عام 1980 (الجبهة الوطنية المتحدة،
وحزب رابطة أبناء الجنوب، وعدد من الشخصيات الاجتماعية وعناصر من الجبهة
القومية الذين نزحوا إلى الشمال).
وإذا كانت الدولة في مرحلة التشطير قد اتجهت إلى تقييد نشاط
المجتمع المدني بكل تنظيماته ومراقبته أو احتوائه، بما يعني ذلك من تضييق
مساحة العمل الحزبي والأهلي، والنظر إليه بعين الشك والريبة (بوصفه عدواً
محتملاً يجب إخضاعه للمراقبة الفاحصة) فإن دساتير الدولة الشطرية قد تضمنت
صراحة حظرها للتعددية السياسية والحزبية كما جاء في [b]المادة 37 من دستور الشمال عام 1907 والمادة 3
من دستور الجنوب عام 1978، وفي كلتا الحالتين أكدت الدساتير دولة الحزب
الواحد، حيث التنظيم السياسي الحاكم هو القائد والموجه للدولة والمجتمع،
وكرست الدولة الشطرية خطابها السياسي والإعلامي نحو محاربة تعدد الأحزاب،
وعدّ الحزبية مضرة بالوطن ووحدته، فالحزبية تبدأ بالتأثر وتنتهي بالعمالة،
ورسخت في وعي الأفراد والجماعات عدم ملاءمة واقعنا الاجتماعي للتعددية
الحزبية (أي أنها لا تتلائم مع ثقافتنا وقيمنا الاجتماعية والدينية)[6]..[/b]
اتصفت مرحلة ما بعد الاستقلال بتعدد الأزمات وتنوعها في
الدولة والمجتمع، ففيها دولة شطرية تتنازع سياسياً وعسكرياً بين حين وآخر،
ودولة لاديمقراطية تحظر التعددية الحزبية فينشأ عن ذلك نزاعات تصل إلى
الاحتدام العسكري بين المعارضة والدولة. بناء على ذلك تبرز فاعلية الأحزاب
القومية واليسارية في المعارضة على الرغم من عدم الاعتراف بعلنية أنشطتها،
أما بالنسبة إلى الجنوب فأغلب قوى المعارضة كانت تعمل من الخارج، فهي إما
في القاهرة أو في صنعاء أو في العربية السعودية.
هنا لا بد من الإشارة إلى أهم ملمح للتجربة الحزبية في
اليمن، وهو تزايد حدة النزاع والصراع بين أطراف المجتمع المدني نفسه، أي
الصراع بين أحزاب المعارضة، إذ يميل كل منها إلى التعبير عن أفضلية
أيديولوجيته وخياره السياسي والفكري، جاعلة الالتزام الأيديولوجي هو المحدد
لجوهر التناقضات والصراعات التي استخدم فيها جميع الوسائل والأساليب. ويعد
هذا الصراع الحزبي انعكاساً للصراع نفسه في المراكز العربية، إذ الصراع
بين القاهرة وبغداد وبين الأخوان المسلمين وعبد الناصر وبين عبد الناصر
والسعودية، وفي سياق دولي تتزايد فيه ملامح الحرب الباردة من خلال حدة
الاستقطاب وبناء التحالفات والتكتلات، التي كان الوطن العربي يمثل بؤرة
ومركزاً مهماً فيها. ولعل أكثر مظاهر الصراع الحزبي سلبية في اليمن هو
تأثير الإخوان المسلمين والنخب الحاكمة في الشمال في منظومة الثقافة والقيم
المحددة لوعي الأفراد وتصوراتهم واتجاهاتهم وقناعاتهم تجاه المسار الحداثي
التقدمي الذي كان عنواناً رئيسياً لمشروع نهضوي من شأنه ولوج اليمن إلى
السياق الحضاري الدولي. ففي هذه المرحلة من مراحل نشأة وتطور المجتمع
المدني الحديث في اليمن كانت القوانين والتشريعات تتصف بكثرة القيود التي
تعيق تطور العمل الحزبي والأهلي، وتمنح المؤسسات الحكومية حق التدخل في
النشاط الجمعوي، بما في ذلك حق حل الهيئات الإدارية وتوقيف أو تجميد
أنشطتها إضافة إلى اتجاه الدولة في هذه المرحلة إلى حظر التعددية الحزبية
في نصوص الدستور كانعكاس لطبيعة الدولة ونهجها اللاديمقراطي.
[b][b]3- مرحلة دولة الوحدة[/b][/b]
[b]اتسمت هذه المرحلة المعلنة عام 1990، بالإقرار أو الاعتراف
الحكومي عبر نصوص دستورية وقانونية بحق المجتمع في أن ينظم نفسه في مؤسسات
ومنظمات سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية وباستقلالية عن الحكومة. شهدت
هذه المرحلة التطور الكمي والنوعي لمؤسسات المجتمع المدني (أحزاب، منظمات،
نقابات...). الجدير بالذكر أن إعلان الوحدة واقترانها بالديمقراطية مثل أول
اعتراف علني بالأحزاب السياسية تقره نخبة حاكمة في المجتمع اليمني الحديث
والمعاصر، وتعد المرحلة الزمنية التي بدأت عام 1990 الأفضل في قوانينها
وتشريعاتها المنظمة للعمل المدني والسياسي، اتساقاً مع المتغيرات الدولية
الداعمة للتحول الديمقراطي وحقوق الإنسان والمجتمع المدني. ومع تزايد
اندماج اليمن في النظام الرأسمالي العالمي أكدت الحكومة اليمنية التزاماتها
بالاتفاقات الدولية وبخاصة في مجال حقوق الإنسان. لذلك فهي عملت على تجديد
تشريعاتها وقوانينها وفق متطلبات دولة الوحدة مع محاولة تمثلها للشرعة
الدولية، إذ أدمج اليمن في بعض قوانينه المحلية عدداً من نصوص الاتفاقات
الدولية، الأمر الذي يعبر عن وجود اليمن كطرف في تلك الاتفاقات.[/b]
[b]هنا يمكن القول إن استحداث قانون للأحزاب وآخر للصحافة
وتجديد قانون الجمعيات الأهلية وما تضمنته جميعاً من توسيع فضاء الحريات
العامة اللازمة لأنشطة الأحزاب والمنظمات الأهليه، إنما جاء وفق فاعلية
المتغيرات الدولية التي لم يعد باستطاعة أي مجتمع أو دوله أن يعزل نفسه
عنها، إضافة إلى الفاعلية المحليه. وهذه الأخيرة ترتبط بتغيير نمط الحياة
اقتصادياً واجتماعياً وبما يشهده المجتمع اليمني من حراك اجتماعي صاعد،
ساعد على نموه اتساع نطاق التعليم والهجرة الداخلية والخارجية وانتشار
وسائل الإعلام، كل ذلك أبرز اتساعاً في حجم الطبقة الوسطى التي مثلت الحامل
الاجتماعي والطبقي لمختلف التنظيمات الحزبية والجمعوية (الحامل الاجتماعي
للمجتمع المدني الحديث). الجدير بالذكر أن المتغيرات السياسية والقانونية
التي ترافقت مع دولة الوحدة لم تؤدِّ إلى تكون جديد في الأحزاب والتنظيمات
السياسية بل عملت على انتقال أغلبية الأحزاب والتنظيمات السياسية من
الممارسة السرية إلى الممارسة العلنية، في هذا السياق ظهرت العشرات من
الأحزاب والتنظيمات السياسية وتزايد الحجم الكمي في المطبوعات والصحف
الأهلية والحزبية. ولمعرفة الخارطة الحزبية المعلن تكونها في السنوات
الأولى من دولة الوحدة نرصدها كصورة إحصائية في الجدول التالي:[/b]
[b][b]جدول (4-2)[/b][/b]
[b][b]الأحزاب والتنظيمات السياسية المعلنة عامي1990 و 1991[/b][/b]
السبت 07 نوفمبر 2015, 3:30 pm من طرف alimaza
» جسر سان فرانسيسكو-أوكلاند
الخميس 18 سبتمبر 2014, 10:36 pm من طرف مؤسس المنتدى
» هندسة - الصف الثاني الاعدادي - مراجعة عامة الجزء الثاني
الخميس 18 سبتمبر 2014, 9:44 pm من طرف مؤسس المنتدى
» توابع خسارة السوبر .. 3 دقائق "نفسنة" زملكاوية علي الأهلي
الخميس 18 سبتمبر 2014, 9:38 pm من طرف مؤسس المنتدى
» 19 سبتمبر
الخميس 18 سبتمبر 2014, 9:16 pm من طرف مؤسس المنتدى
» دفتر اليومية الامريكي مصمم بواسطة برنامج ال Excel بالعربي والانجليزي
الخميس 18 سبتمبر 2014, 9:11 pm من طرف مؤسس المنتدى
» اكبر عضو فى جسم الانسان
الخميس 20 ديسمبر 2012, 7:18 pm من طرف mohamed khafagy
» لماذا ماء الاذن مر وماء العين مالح وماء الفم عذب
الخميس 20 ديسمبر 2012, 7:15 pm من طرف mohamed khafagy
» اذا قرصت نمله لاتقتلها بل اشكرها
الخميس 20 ديسمبر 2012, 7:06 pm من طرف mohamed khafagy
» لماذا تهاجر الطيور على شكل سبعه
الخميس 20 ديسمبر 2012, 7:03 pm من طرف mohamed khafagy
» خطورة إبقاء نصف بصلة في الثلاجة!
الخميس 20 ديسمبر 2012, 6:59 pm من طرف mohamed khafagy
» اتفاق مبدئي بين الداخلية واتحاد الكرة على عودة الدوري 24 أغسطس
الجمعة 19 أكتوبر 2012, 4:15 pm من طرف سيد النشار
» اتحاد الكرة يؤكد عودة الدوري في موعده المحدد
الأحد 15 يوليو 2012, 1:34 pm من طرف mohamed khafagy
» وزارة الداخلية ترفض عودة الدوري
الأحد 15 يوليو 2012, 1:26 pm من طرف mohamed khafagy
» حمادة طلبة يوقع للزمالك الأحد واحتمالات لمشاركته أمام الأهلي
الأحد 15 يوليو 2012, 1:24 pm من طرف mohamed khafagy