Elnasharalasl

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الله ، جمعنا الله فى مستقر رحمته ، أخى الكريم لم نتشرف بتسجيلك برجاء التسجيل


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

Elnasharalasl

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الله ، جمعنا الله فى مستقر رحمته ، أخى الكريم لم نتشرف بتسجيلك برجاء التسجيل

Elnasharalasl

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

النشار الأصل منتدى يهتم بشئون الشباب والعائلات

تنس طاولة : أحمد النشار يهزم محمد شعبان 1/ صفر فى مباراة مثيرة
تنس طاولة : وفى مباراة مثيرة فاز محمد شعبان على أحمد النشار 1/صفر بنتيجة 19/21 وهى نتيجة الأمس التى فاز فيها أحمد النشار
تنس طاولة : فاز أحمد النشار على رفعت مختار 1/صفر فى مباراة شيقة
20 مارس : أحمد النشار يهزم إبراهيم عبدالستار 3/صفر
27 مارس : تنس طاولة : أحمد النشار يهزم خالد فاروق 10/صفر
20 مارس : أحمد النشار يهزم عماد هاشم 2/صفر
تنس طاولة : أحمد النشار يلحق بعماد هاشم هزيمة ساحقة 5/ صفر
تنس زوجى : 27 أبريل : فوز الزوجى عماد هاشم وأحمد النشار على محمود دعيسة ومحمد شعبان 0/4 فى مباراة مثيرة سيطر فيها الزوجى عماد وأحمد عليها
20مارس : أحمد النشار يهزم رفعت مختار 2/ صفر
22 مارس : محمد شعبان يهزم أحمد النشار 2/صفر فى مباراة من طرف واحد
تنس طاولة 3 مايو : فى مباراة قوية فاز أحمد النشار على محمد شعبان 1/ صفر
تنس زوجى 13 مايو  عماد هاشم وأحمد النشار يهزمون الزوجى محمود دعيسة ومحمد شعبان 2/0
27 مارس : تنس طاولة : أحمد النشار يهزم عماد هاشم 2/صفر
20 أبريل : تنس طاولة :تعادل عماد هاشم وأحمد النشار مع محمود دعيسة ومحمد شعبان 3/3 للمزيد أضغط هنا
تنس زوجى  4 مايو: فاز الزوجى رفعت مختار وأحمد النشار على الزوجى محمود دعيسة ومحمد شعبان 1/2
تنس زوجى 19 مايو : فى مفاجأة مدوية حقق الزوجى محمد شعبان و م محمود فوزا ساحقا على الزوجى عماد هاشم زأحمد النشار 0/6
الأهلى يهزم الاسماعيلى 2/1 فى أبطال أفريقيا
عماد هاشم يهزم محمد شعبان فى تنس الطاولة 1/3

" وأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا "

لا تنس ذكر الله

( اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أُحصي ثناءاً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك).

أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:

المواضيع الأخيرة

» مباراة مصر والجزائر 1989 والتى أهلت مصر لكأس العالم ( مباراة كاملة )
تجربة الأحزاب السياسية في اليمن (4) Emptyالسبت 07 نوفمبر 2015, 3:30 pm من طرف alimaza

» جسر سان فرانسيسكو-أوكلاند
تجربة الأحزاب السياسية في اليمن (4) Emptyالخميس 18 سبتمبر 2014, 10:36 pm من طرف مؤسس المنتدى

» هندسة - الصف الثاني الاعدادي - مراجعة عامة الجزء الثاني
تجربة الأحزاب السياسية في اليمن (4) Emptyالخميس 18 سبتمبر 2014, 9:44 pm من طرف مؤسس المنتدى

» توابع خسارة السوبر .. 3 دقائق "نفسنة" زملكاوية علي الأهلي
تجربة الأحزاب السياسية في اليمن (4) Emptyالخميس 18 سبتمبر 2014, 9:38 pm من طرف مؤسس المنتدى

» 19 سبتمبر
تجربة الأحزاب السياسية في اليمن (4) Emptyالخميس 18 سبتمبر 2014, 9:16 pm من طرف مؤسس المنتدى

» دفتر اليومية الامريكي مصمم بواسطة برنامج ال Excel بالعربي والانجليزي
تجربة الأحزاب السياسية في اليمن (4) Emptyالخميس 18 سبتمبر 2014, 9:11 pm من طرف مؤسس المنتدى

» اكبر عضو فى جسم الانسان
تجربة الأحزاب السياسية في اليمن (4) Emptyالخميس 20 ديسمبر 2012, 7:18 pm من طرف mohamed khafagy

» لماذا ماء الاذن مر وماء العين مالح وماء الفم عذب
تجربة الأحزاب السياسية في اليمن (4) Emptyالخميس 20 ديسمبر 2012, 7:15 pm من طرف mohamed khafagy

» اذا قرصت نمله لاتقتلها بل اشكرها
تجربة الأحزاب السياسية في اليمن (4) Emptyالخميس 20 ديسمبر 2012, 7:06 pm من طرف mohamed khafagy

» لماذا تهاجر الطيور على شكل سبعه
تجربة الأحزاب السياسية في اليمن (4) Emptyالخميس 20 ديسمبر 2012, 7:03 pm من طرف mohamed khafagy

» خطورة إبقاء نصف بصلة في الثلاجة!
تجربة الأحزاب السياسية في اليمن (4) Emptyالخميس 20 ديسمبر 2012, 6:59 pm من طرف mohamed khafagy

» اتفاق مبدئي بين الداخلية واتحاد الكرة على عودة الدوري 24 أغسطس
تجربة الأحزاب السياسية في اليمن (4) Emptyالجمعة 19 أكتوبر 2012, 4:15 pm من طرف سيد النشار

» اتحاد الكرة يؤكد عودة الدوري في موعده المحدد
تجربة الأحزاب السياسية في اليمن (4) Emptyالأحد 15 يوليو 2012, 1:34 pm من طرف mohamed khafagy

» وزارة الداخلية ترفض عودة الدوري
تجربة الأحزاب السياسية في اليمن (4) Emptyالأحد 15 يوليو 2012, 1:26 pm من طرف mohamed khafagy

»  حمادة طلبة يوقع للزمالك الأحد واحتمالات لمشاركته أمام الأهلي
تجربة الأحزاب السياسية في اليمن (4) Emptyالأحد 15 يوليو 2012, 1:24 pm من طرف mohamed khafagy

مكتبة الصور


تجربة الأحزاب السياسية في اليمن (4) Empty

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 4 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 4 زائر

لا أحد


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 45 بتاريخ الخميس 05 أبريل 2018, 3:38 pm

www.traidnt.net Naderib999

    تجربة الأحزاب السياسية في اليمن (4)

    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    رقم العضوية : 1
    عدد المساهمات : 2484
    التقدير : 6
    تاريخ التسجيل : 09/03/2010
    العمر : 54
    الموقع : https://elnasharalasl.yoo7.com

    تجربة الأحزاب السياسية في اليمن (4) Empty تجربة الأحزاب السياسية في اليمن (4)

    مُساهمة من طرف مؤسس المنتدى الثلاثاء 15 فبراير 2011, 11:57 am

    خامساً: مدى استجابة البنى التقليدية للتعددية الحزبية
    إن قراءة سوسيولوجية لتطور النظام السياسي والحزبي في
    اليمن، تؤكد حقيقة بالغة الأهمية، وهي أن القوى المضادة للتحديثوعصرنة
    المجتمع (أي التيار التقليدي - القبلي، الأصولي) عدت التحديث والديمقراطية
    خطراً يهدد مقومات الأمة ومرتكزاتها الأساسية، فالديمقراطية كما يراها أكبر
    الأحزاب الدينية في اليمن (تعد مفهوماً أقل أهمية في بناء الدولة من مفهوم
    الشورى الذي يعد قيمة سياسية وقانونية لازمة تحدد طبيعة نظام الحكم، وهو
    نظام عام يصبغ مختلف جوانب الحياة). وكما قال رئيس مجلس النواب وشيخ قبيلة
    حاشد ورئيس حزب الإصلاح إنه إذا تعارضت الديمقراطية مع القبيلة فإنه يفضل
    القبيلة[15]. .
    في هذا الصدد يرى بعض الباحثين اليمنين أن صناع القرار اليمني قد ثابروا
    على اتخاذ قرارات تهدف إلى الترويج لقيمهم وبالتالي مصالحهم الشخصية، هذا
    يعني أن الدولة لا تزال ضعيفة وغير قادرة على نشر وفرض مشروعها الحداثي بكل
    محدداته، وأن ضعف الدولة في فرض وجودها القانوني والمؤسسي وبالتالي وجودها
    الثقافي والرمزي أدى بالأفراد إلى الارتباط بالعصبويات التقليدية من أجل
    تمرير متطلباتهم وتحقيق مصالحهم، وأدى بهم إلى البحث عن وسائل تحكيم وضبط
    اجتماعي غير رسمي بدلاً من وسائل الضبط الرسمية القانونية التي يجب أن تكون
    أهم آليات الدولة الحديثة[16]..
    في هذا السياق يمكن القولإن الواقع العربي - كما نما
    تاريخياً - لم يعرف الديمقراطية في أي مرحلة من مراحل تطوره، بل تميز وضع
    الدولة في الوطن العربي في الماضي كما في الحاضر بنفي الشريك عن الحكم،
    فالنخب الحاكمة حولت مشروعية بناء الدولة الحديثة من كونها منبعاً لقيم
    الحرية والمساواة إلى دولة رديفة للقيم القهرية وأداة استلاب تحكمها عقلية
    القبيلة والغنيمة[17]. .
    هنا يمكن القول بصعوبة البناء الديمقراطي (ترسيخ الحداثة السياسية) في
    إطار مجتمع تقليدي، الأمر الذي يجعلنا نتساءل عن مدى استجابة البنى
    الاجتماعية التقليدية للتعددية الحزبية. معنى ذلك، كما يرى الباحث، أن بناء
    الديمقراطية والمجتمع المدني يستلزم بالضرورة إحداث تحولات بنيوية وهيكلية
    شاملة في الدولة والمجتمع، بل وفي سيكولوجية الفرد والجماعة. ففي مجال
    بناء الدولة الحديثة والديمقراطية الذي رفع كشعار سياسي، لا يكاد أي خطاب
    حزبي أو رسمي يخلو من إشارة إلى أهميته، لا نجد اتساقاً بين مضمون هذا
    الخطاب وبين وسائل تنفيذه التي تعتمد آليات تقليدية في بناء دولة حديثة، من
    أهمها: تغييب الأطر القانونية لهذه الدولة مقابل تدعيم العلائق القبلية
    ومنظومتها في الضبط الاجتماعي، إضافة إلى اتجاه النخب الحاكمة نحو إعادة
    إنتاج(Reproduction) القبيلة ومنظومة القيم
    المرتبطة بها (وفق مصالح خاصة بالنخبة الحاكمة أو متبادلة مع المشايخ).
    الجدير بالذكر أن البنى التقليدية مستمرة في اليمن المعاصر ليس بوصفها
    ماضوية، بل بوصفها بنى فاعلة ومقرره في مختلف جوانب المجال العام، وهو
    الأمر الذي يخلق في واقع المجتمع ممانعة قوية تعيق تأصيل وتجذر النشاط
    الحزبي والأهلي الحديث وتكبح تطور مأسسة الدولة. مع ذلك، لا بد من الإقرار
    بأن ملامح التحديث السياسي والاقتصادي تنتشر ببطء ووفق عملية مزدوجة تأخذ
    طابع التوفيق/ التلفيق بين التقليد والحداثة، الأمر الذي يعطي نموذجاً
    مشوهاً لطبيعة الدولة وآليات عملها، ترجع هذه الازدواجية إلى إزدواجية
    مماثلة في نمط الإنتاج ومنظومة العلائق الاجتماعية، إذ إن تغلغل النمط
    الرأسمالي للإنتاج لم يستطع إزاحة النمط التقليدي السابق، بل تتمفصل
    علائقهما بحيث تبدو مظاهر التحديث متجاورة ومتشابكة مع المظاهر التقليدية
    في صورة تشوه البنية الاجتماعية والنظام السياسي العام في الدولة والمجتمع.
    إن التحول الديمقراطييتطلب بالضرورة نسقاً ثقافياً وقيمياً
    يعبر في دلالته عن ذلك التحول الذي نقيسه أمبيريقياً من خلال مؤشرات
    ومحددات تتبلور في أنماط السلوك والعلائق والتفاعلات السائدة يومياً بين
    الدولة والمجتمع، وبين مختلف الأفراد والجماعات والقوى السياسية
    والاجتماعية. هذا يعني أن الدولة اليمنية المعاصرة في تمثلها نسقاً سياسياً
    ليبرالياً لا بد من أن يرتبط به بالضرورة تغيير ثقافي يطرأ على النظام
    الاجتماعي وعلائقه المتعددة (أفقياً وعمودياً). في هذا الصدد يرى (مايكل
    هدسون) أن المؤسسات السياسية الحديثة في اليمن قامت على البنى التقليدية
    التي عملت بدورها على إعاقة التقدم السياسي والاجتماعي[18]،
    ويشير (بول دريش) إلى أن القبائل اليمنية التي تعبر عن البنية الاجتماعية
    التقليدية قد استطاعت أن تبسط نفوذها على الحكومة وأن تردد مصطلحات وقيماً
    حديثة كانت حكراً على الدولة[19]،،
    وذلك يعني في دلالته أن القبيلة كمؤسسة اجتماعية تقليدية تسمح للتحولات
    السياسية الحديثة، ولكنها لا تتيح لهذه التحولات أن تتجذر وتتمأسس في
    الواقع وفق شروطها الخاصة. ومعنى ذلك أن زعماء القبائليؤلفون باستمرار
    جماعات ضغط تقليدية تتناقض مصالحها مع المصالح العامة للمجتمع، فهي ذات
    عقلية براغماتية، ترتبط بجهاز الدولة ما دامت تستفيد منه مادياً ومعنوياً،
    وتنفصل عنه بل وتدمره إذا ما حاول تقليص مصالحها أو نفوذها (قوة القبيلة
    تطغى على سلطة الدولة وآلياتها القانونية في كثير من الأحيان). ولعل ذلك
    يعبر، كما استنتج مايكل هدسون، عن أن بعض القيادات التقليدية والسياسية
    الحديثة في اليمن لا يزال يعتقد أن المجتمع اليمني المعاصر "غير جاهز
    للديمقراطية" وأن ذلك يعبر عن الرغبات الخاصة لدى هذه القيادات في الانقياد
    لغرائزهم ونزعاتهم المضادة للديمقراطية[20]..
    إن القول بعدم جاهزية اليمن للديمقراطية مجانب للصواب،
    فالتناقض والصراع القيمي السائد منذ إعلان الوحدة لا يدل - في مجمله - على
    عدم تقبل قيم الحداثة السياسية، بل (وهو أمر طبيعي) يدل على تداخل وتفاعل
    منظومتين من القيم السياسية والاجتماعية تعبران عن تأرجح المسار العام
    للتطور في الدولة والمجتمع بين التقليدية والحداثة. في هذا السياق يمكن رصد
    ثلاثة أنواع من الثقافة السياسية السائدة في اليمن تعكس أهم ملامح تجربة
    التعددية الحزبية، مع العلم أن الواقع المجتمعي في اليمن لا يعرف صورة نقية
    من هذه النماذج بل يقدم مزيجاً مختلطاً منها.
    1- ثقافة سياسية ضيقة، يقتصر دور الفرد فيها على تلقي
    مخرجات النظام السياسي. فالأفراد ليست لديهم الرغبة في التعبير عن ذواتهم
    كمشاركين سياسياً، إما لأنهم لا يملكون حداً أدنى من المعرفة، وإما لعدم
    القدرة على ذلك، وإما أنهم لا يعرفون أية بدائل أخرى.
    2-ثقافة سياسية تابعة، أي تواضع مساهمة المواطنين في
    الممارسات السياسية على الرغم من أن لديهم معرفة تامة بالنظام السياسي
    وبمخرجاته وبقواعد اللعبة السياسية، وإنما ينبع عزوفهم عن المشاركة
    السياسية من إدراكهم عدم جدواها.
    3- ثقافة سياسية مشاركة، ترتبط بمعرفة الجماهير ووعيها
    بالنظام السياسي في حركته وقواعده ومؤسساته (أي مدخلاته ومخرجاته) فهم
    يعدون أفراداً مشاركين بفاعلية من خلال أحزاب ومنظمات أو نقابات ... أو من
    خلال التصويت والترشُّح في الانتخابات، أو غير ذلك[21]..
    في هذا السياق يمكن القول إن الواقع الراهن في المجتمع
    اليمني يشهد صراعاً بين الثابت والمتحول في القيم والمعايير وأنماط السلوك،
    في إطار جملة من التحولات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي يتعرض
    لها المجتمع منذ بداية حقبة التسعينات من القرن العشرين، فالتحول السياسي
    نحو الديمقراطية الذي ترافق مع إعلان دولة الوحدة تطلب بدوره محددات ثقافية
    وقيمية جديدة تعبر عن محاولة الخروج من البناء التقليدي العصبوي ومنظومته
    الثقافية الموروثة، والولوج إلى مرحلة الحداثة التي تنتمي إليها الدولة
    الوطنية والتطور الرأسمالي بكل محدداته وتداعياته. تعد هذه المرحلة مرحلة
    خطيرة في سياق التطور التاريخي للدولة والمجتمع في اليمن، فهي مرحلة
    انتقالية مفتوحة على احتمالات متعددة، أهم ملامحها اهتزاز المنظومة
    الثقافية والقيمية في إطار تعدد الأجيال، وتعدد القوى السياسية الاجتماعية
    التي تتعدد وتتباين مشاريعها السياسية والثقافية والأيديولوجية.
    الجدير بالذكر أن بعض القوى السياسية (التقليدية والحديثة)
    لم تترسخ لديه القناعة التامة بالديمقراطية ومنظوماتها الثقافية، لذلك فإن
    موافقتها الشكلانية - أو الظاهرية - عليها ليست إلا تكتيكاً موقتاً من أجل
    كسب مزيد من الوقت لترتيب أوضاعها، أو كما يرى تشارلز دونبار أنه ليس أكثر
    من زواج متعة موقت لمصالح محددة[22]..
    هنا تبرز الإشكالية الأساسية التي تعيق التحول الديمقراطي
    أو تشوه ملامحه، وتكمن في وجود فجوة عميقة - تتسع على نحو متزايد - بين
    النص الدستوري أو القانوني وما يرتبط به من تجديد في الخطاب السياسي الرسمي
    والحزبي، وبين الممارسة العملية كما يعكسها الواقع الاجتماعي الذي يعبر
    الأفراد فيه من خلال أنشطتهم وممارساتهم اليومية عن اتجاه مناقض
    للديمقراطية من شأنه تدعيم القيم والانتماءات القبلية، الأمر الذي يوّلد
    ازدواجية واضحة في الفكر والسلوك ويولد نوعين من الانتماءات إلى القبلية
    وإلى الدولة مع اختلاف كلي في مرجعيتهما، فالدولة تمثل التقدم والتحديث ضد
    النزعات العصبوية التقليدية التي تنتمي إلى ما قبل الدولة[23]..
    وإذا كان بعض الباحثين قد ذهب إلى القول إن الدولة اليمنية المعاصرة لا تملك مؤسسات قانونية وقضائية متطورة[24]،
    إذ إن هذه المؤسسات تعد من أهم مقومات الدولة الحديثة ومن أهم مقومات بناء
    الديمقراطية وتجذيرها في المجتمع، فإن هذه الرؤية صائبة وهي تعبر عن قوة
    الموروث القبلي الذي يعيق عملية التحديث السياسي والقانوني. فالمجتمع
    اليمني مجتمع مركب ومتشظٍ (تعددي ومتباين وفق المنظار الأنتروبولوجي) تبرز
    فيه القبلية كقوة فاعلة، وبخاصة من خلال منظومتها الثقافية والقيمية، الأمر
    الذي يجعل من التحديث السياسي وقيمه الثقافية أمراً يصعب بناؤه وإقراره
    دون صراع أو معارضة تنشأ بين نوعين من الجماعات والقيم والمرجعيات. وهو ما
    عبر عنه دونبار بقوله إن الحكومة اليمنية لا تزال عاجزة عن تأكيد سلطتها في
    بعض القضايا المهمة. أي أن المجتمع القبلي في اليمن كما ترى (شيلا
    كرابيكو) يحتاج إلى دولة حديثة قوية وإلى التمدن اللازم للتعددية وحكم
    القانون[25]. . كل ذلك أدى بعدد من الكتاب الغربيين إلى القول بوجود كيانين للدولة في المجتمع اليمني المعاصر هما: الكيان الشرعي (Pays Legal) والكيان الفعلي (Pays Real).
    يشير الكيان الأول إلى الدولة اليمنية ذات المؤسسات المعروفة، التي يتعامل
    الأفراد معها في الداخل كما تتعامل معها الدول في الخارج؛ والكيان الثاني
    هو الكيان الفعلي الذي تتحدد بواسطته عمليات صنع القرار السياسي وفق تركيبة
    بناء القوة أو السلطة[26]. .
    إن التعددية الحزبية كأحد مجالات التكوّن الحداثي لم يترافق معها أو ينتج
    منها قطيعة مع الموروث التقليدي (في البنية والتنظيم والعلائق والثقافة)،
    ودلالة ذلك تكمن في أن الفئات الاجتماعية الحديثة الناشطة في مؤسسات
    المجتمع المدني لا يزال أفرادها ينخرطون في نظام العلائق الاجتماعية
    والاقتصادية المعاصرة بصورة جزئية ومحدودة. وهنا تكون النظرة الجديدة إلى
    العالم (بالنسبة إلى الفرد أو المجتمع) مكونة من تفاعل المجالين
    الاجتماعيين والثقافيين (التقليدي والمعاصر)، الأمر الذي يخلق ازدواجية
    ثقافية وعلائقية تبرز ملامحها بوضوح لدى المثقفين ونِشاط المجتمع المدني.
    معنى ذلك فقدان الوعي السياسي العام واستمرار انتساب الشعب إلى أصوليات
    وعصبيات متنوعة، ومن ثم عدم القدرة على خلق حركة اجتماعية تدفع بمسارات
    التطور والتقدم.

    سادساً: تعبير الفاعلية الحزبية عن المصالح الحياتية للمواطنين
    لما كان مجتمعنا المعاصر يتصف بتوسيع وظائف الدولة وتدخلها
    في جميع مجالات حياة الفرد، فان ذلك يؤدى بالضرورة إلى الاستبداد، الأمر
    الذي يتطلب وجود مجتمع مدني لخلق التوازن بين الدولة والمجتمع العام. هذا
    التوازن، بوصفه الرقابة الوحيدة على استبداد الأغلبية أو الطبقة الحاكمة،
    لا يكون إلا من خلال مؤسسات المجتمع المدني التي تحمي الفرد من سيطرة
    الدولة وتحمي تنوع المصالح[27]..
    وفي السياق اليمني يمكن القول إن تكوّن التنظيمات الحزبية والجمعوية ارتبط
    بتبلور الوعي الاجتماعي بأهمية التخفيف من حدة التأطير القبلي للأفراد
    ومحاولة دفعهم إلى الارتباط بالتنظيمات المدنية الحديثة، وهي خطوة أولية
    وجريئة في هذا المجال؛ وارتبط برغبة الأفراد والجماعات في النشاط المدني
    والسياسي بعيداً من جهاز الدولة وسيطرته. يعبر هذا الأمر عن وعي الأفراد
    بضرورة التكتل المؤسسي المدني من أجل التعبير عن آرائهم وقضاياهم، وله
    دلالته الثقافية والاجتماعية المهمة في مجتمع كاليمن، إذ إنه يعبر عن ظهور
    مفردات وممارسات سياسية حديثة كانت في السابق موضع رفض الدولة نفسها.
    (الديمقراطية، والعضوية والانتماء الحزبي العلني، والمشاركة السياسية من
    خلال الانتخابات، إضافة إلى انتشار مفاهيم دولة القانون، والمجتمع المدني
    وحقوق الإنسان، والتنوع والاختلاف (الرأي الآخر)، والنسبية في الآراء بدلاً
    من الحتمية والحقيقة المطلقة، وظهور المرأة كناخبة ومرشحة).
    ولما كانت مؤسسات المجتمع المدني (أحزاب ومنظمات) حديثة
    النشأة، إذ ظهرت أغلبيتها منذ بداية التسعينات أي مع دولة الوحدة، فإن
    نشاطها ومواقفها من قضايا الرأي العام لا تزال ضعيفة وفي أحيان أخرى غائبة.
    بمعنى آخر يمكن القول إن الأحزاب السياسية التي يفترض بها أن تكون أكثر
    فاعلية ونشاطاً في قضايا الرأي العام، لم تقوَ على ممارسة دورها المجتمعي،
    ولم تقوَ حتى على حماية أعضائها، الأمر الذي كشف عن هشاشتها وضعف مواقفها
    في مجال الرأي العام وقضاياه. فإذا كنا نعدها درعاً للحماية القانونية
    الداعمة لأفراد المجتمع، فإن استحواذ الأقلية على هيئاتها القيادية جعل
    منها مجرد شكل مؤسسي يخدم مصالح النخبة، تغيب رسالتها التنويرية في
    المجتمع، مقابل دعم السياسة الرسمية وفق تحالف غير معلن. ولما كانت الأحزاب
    أهم مؤسسات المجتمع المدني الحديث تمثل قنوات مؤسسية مشروعة تستهدف تفعيل
    المشاركة الشعبية وتعبئة الأفراد والجماعات وتمكنهم من التعبير عن آرائهم
    وقضاياهم، فهي تعد في اليمن أحزاباً غير فاعلة، بل أصبحت رديفة للنظام
    السياسي والحزب الحاكم (قريبة منه مقابل بعدها وانفصالها عن المجتمع). هذا
    الوصف يلمسه الباحث من أي مواطن في الشارع اليمني، الأمر الذي يتضمن في
    دلالته ما يلي:
    1- إن أحزاب المعارضة هي أحزاب نخبوية تنفصل قياداتها عن
    القواعد الحزبية وعن اهتمامات وقضايا المجتمع بوجه عام، ويتسم بناء السلطة
    فيها بالشخصانية،الأمر الذي تغيب معه الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب،
    وتغيب معه عملية إعداد وتأهيل القيادات السياسية الجديدة.
    2- غياب الاستراتيجية الواضحة المعالم في نشاطها السياسي
    المعارض، وغياب وعيها بماهية القوى الاجتماعية والسياسية التي يجب أن تعمل
    وتتحالف معها لتعميق أنشطتها وجعلها أكثر قوة وتأثيراً.
    3- لم تستطع أحزاب المعارضة تقديم رؤى علمية موضوعية لحل
    عدد من القضايا والمشكلات المجتمعية أو حشد الرأي العام معها في ذلك. أي أن
    أحزاب المعارضة غير قادرة على تقديم تصور سياسي بديل لسياسة الحزب الحاكم،
    ولا على حشد الرأي العام وتعبئته. وهي لذلك غير قادرة على التحديد الواضح
    للآليات الضاغطة على الحكومة من أجل تنفيذ مطالب الرأي العام.
    4- قصور الوعي السياسي لدى أحزاب المعارضة وعدم تراكم خبرات
    لديها مع ارتباط ذلك بالصراعات الحزبية الضيقة بين الأحزاب وفي داخل كل
    حزب.
    5- إنها أحزاب غير قادرة التعبير عن إرادة الشعب، فهي لا
    تجيد فن وآليات التواصل اليومي مع الجماهير ولا تستطيع التوحد معه في
    قضاياه المهمة ولا حتى تجييشه في الضغط على الحكومة من أجل تبني برامجها أو
    مطالبها في الإصلاح والتغيير، التي تعكس مطالب الشعب وقضاياه الحياتية.
    6- وهي أحزاب غير مؤمنة بالديمقراطية وبحق المجتمع في
    اختيار حكامه وحكوماته. لذلك فهي تتعامل مع قضايا المجتمع بالموسمية
    والاقتصار على البيانات الكلامية، وهي أيضاً غير قادرة على تعبئة أو حشد
    القوى الحداثية التي تناضل من أجل مشروع سياسي حديث عنوانه دولة المؤسسات
    والقانون. هنا يمكن الاعتراف بضعف أحزاب المعارضة – كأهم مؤسسات المجتمع
    المدني - وبعدم قدرتها على خلق تكتل قوى التحديث والديمقراطية (كتلة
    تاريخية) صاحبة المصلحة في بناء مشروع حضاري يجري من خلاله الولوج إلى
    التطور الحضاري العالمي[28]..

    سابعاً:إشكالية تمويل الأحزاب وعلائقها
    تنوعت مصادر التمويل التي ارتبط بها معظم- إن لم يكن كل-
    التنظيمات الحزبية في السلطة والمعارضة. فالنظام الحاكم في الجنوب ممثلاً
    بالحزب الاشتراكي اليمني (YSP) ارتبط بقناة المساعدات المقدمة إليه من الاتحاد السوفياتي والمنظومة الاشتراكية، والمؤتمر الشعبي العام (GPC)
    ارتبط بعدة مصادر للتمويل منها العربية السعودية والعراق. أما المصادر
    المحلية فهي ثروة المجتمع التي لم يجرِ توزيعها وفق خطط تنموية تحقق
    العدالة الاجتماعية لكل مناطق اليمن، إذ إن عقلية الجباية وإعادة إنتاج
    آلياتها التقليدية ممثلة بالعلائق العصبوية كانت أهم سمة تميز نظام الحكم
    في كلا شطري اليمن خلال ثلاثين عاماً منذ الاستقلال وحتى عشية إعلان الوحدة
    اليمنية في 22أيار/ مايو1990.
    أما التنظيمات الحزبية الأخرى فقد ارتبطت أغلبيتها بمصدرين
    للتمويل: الأول داخلي يتمثل بالنخب الحاكمة، التي اعتادت تقديم التمويل إلى
    القيادات الحزبية والنقابية كعامل احتواء لمصالحها، وبخاصة مع استمرار
    الصراع بين الشطرين وتجنيد كل طرف قوى معارضة للطرف الآخر، ثم عملية بناء
    التحالفات الحزبية والسياسية، وخصوصاً في أثناء العمليات الانتخابية وفق
    حصول القيادات الحزبية على دعم مالي مقابل دعمها السياسي، إضافة إلى شراء
    الأصوات في العمليات الانتخابية التي حصلت في المجتمع على المستويين المحلي
    والوطني، ثم عملية شراء المثقفين وتنظيماتهم قدر الإمكان وتحويلها إلى
    تنظيمات تابعة للنظام في كلا الشطرين. وما زاد من أهمية هذا الدور هو أن
    الحكومة نفسها تفتقد المؤسسات الحديثة، لذلك ارتبطت بنيتها وجهازها الإداري
    بالجانب الأمني والعسكري، فعمدت إلى إعاقة وإحباط ظهور أي نشاط حزبي أو
    أهلي مستقل كلياً. نجم عن كل ذلك صراعات متعددة ومتنوعة داخل مختلف
    التنظيمات الحزبية والجمعوية، وكان لمصادر التمويل دور كبير في خلق ذلك
    الصراع، علاوة على قصور الوعي السياسي وتوظيف العمل الحزبي أو الجمعوي
    لمصالح شخصية. وهناك مصدر تمويل خارجي موجَّه نحو أحزاب أو جماعات أو
    شخصيات، مثل جماعات الضغط من الرموز المشيخية التي تمول من العربية
    السعودية، وتنظيمات حزبية معارضة (الناصريون والبعثيون) تمول من ليبيا
    والعراق وسوريا، والتيار الإسلامي الذي يمول من مصادر متعددة منها العربية
    السعودية. أضف إلى ذلك أن الأحزاب الكبيرة في اليمن كونت عدداً من
    التنظيمات الأهلية والنقابية التي تنشط من خلالها وترتبط بها، من حيث
    التمويل والإدارة. هذا يعني أن الواقع اليمني يعكس بوضوح فقدان استقلالية
    العمل الحزبي والأهلي.
    تعد مصادر تمويل الأحزاب والمنظمات الأهلية أحد مجالات
    الصراع بينها وبين النظام السياسي والحزب الحاكم، إذ إن التشريعات اليمنية
    تمنح الحق للأحزاب والمنظمات الأهلية في الحصول على دعم حكومي سنوي وفق
    شروط يوضحها القانون[29]. .
    من هنا تستخدم الدولة الدعم الرسمي وفق شروط خاصة، أو تمنع عن أحزاب
    وجمعيات بصورة تتجاوز النص القانوني. أي أن طبيعة اللعبة السياسية وأسلوب
    إدارة الصراع السياسي بين الحزب الحاكم والتنظيمات الأخرى يتحدد من خلالها
    عمليتا العطاء والمنع للتمويل الرسمي. أضف إلى ذلك أن الحكومة من خلال
    أساليب إدارية متعددة تحاول التدخل أو احتواء الكثير من التنظيمات الجمعوية
    التي تحصل على تمويل خارجي بناء على مبررات تفعيل الدور الحكومي في
    الإشراف والتنسيق، وهو الأمر الذي تكذبه وقائع حياتية ملموسة. هنا يمكن
    القول إن الحكومة تستخدم ما ورد في نصوص بعض القوانين (الخاصة بالأحزاب
    والجمعيات والنقابات والصحافة) من أعمال دور الإشراف والتنسيق أو الرقابة،
    وفق تفسير خاص يحقق أهداف الحكومة، وينتقص من حق التنظيمات الحزبية
    والأهلية. وعلى الرغم من ارتفاع نسبة الأمية في المجتمع اليمني وضعف
    المستوى الثقافي العام، فإن حركة التعليم وانتشار مؤسساتها إضافة إلى دور
    الأحزاب والنقابات، ساعد على تداول محدود للصحف والمجلات ونقل وتداول ما
    تنشره من قضايا خاصة متعلقة بالصراع السياسي بين المعارضة والحزب الحاكم.
    ولما كان اليمن قد شهد زخماً في ظهور الصحف والمطبوعات في
    الخمسينات، وبخاصة في مدينة عدن، وأعقب ذلك انتكاسة كبيرة من خلال الدولة
    الوطنية الحديثة التي أعقبت الاستقلال والثورة، إذ حظرت التعددية الحزبية
    ومنعت وفرضت رقابة صارمة على الصحف والمطبوعات الحزبية والأهلية والنقابية،
    إلا أن اقتران الديمقراطية بالوحدة ترتب عليه ظهور مناخ ملائم لتعدد
    المطبوعات والصحف وتنوعها. فبعد عام واحد من إعلان الوحدة وقبل صدور قانون
    الأحزاب، كانت الساحة اليمنية مسرحاً لأكثر من 40 حزباً وتنظيماً سياسياً،
    ثم تقلصت إلى نحو 22 حزباً وتنظيماً عام 2004. وشهدت الفترة 1990-2004
    تزايداً كبيراً في عدد المؤسسات والمنظمات الأهلية، إذ بلغت 5000 مؤسسة حتى
    حزيران/ يونيو 2004 مقابلة بـ285 مؤسسة عام 1990. من جانب آخر لم تكن
    الصحف والمطبوعات الرسمية والأهلية والنقابية تزيد على 22 مطبوعة في كلا
    الشطرين قبل الوحدة، إلا أن عددها ارتفع بعد ذلك وتنوعت وتعددت القوى
    والجماعات التي ترتبط بها وفق المتغيرات التي صاحبت المشهد السياسي العام.
    هنا يمكن القول إن إجمالي الصحف والمجلات (الرسمية والحزبية والأهلية
    والنقابية) وصل إلى 150 صحيفة ومجلة عام 1992، ثم ما لبث عددها أن انخفض
    تدريجاً إلى 85 صحيفة ومجلة عام 2004. ويعد هذا العدد كبيراً قياساً على
    المعطيات التي يعكسها واقع المجتمع اليمني المعاصر[30]..
    الجدير بالذكر أن الصحف والمطبوعات المعبرة عن التنظيمات
    الحزبية والجمعوية كان لها حضوراً وفاعلية ملموسة، وبخاصة في السنوات
    الثلاث الأولى من دولة الوحدة؛ بل إن بعض تلك الصحف والمطبوعات كان طرفاً
    فعالاً في إذكاء الصراع السياسي وتفاقم الأزمة التي استمرت حتى الحرب
    الأهلية في أيار/ مايو 1994، إضافة إلى دور بعضها الآخر في التعبير عن مجمل
    القضايا الوطنية والتحذير من سوء إدارة الأزمات السياسية، علاوة على
    تناولها قضايا وظيفية ومطلبية مهنياً ونقابياً أو حزبياً. وقد تناولت الصحف
    والمجلات من دون استثناء عملية الوحدة بوصفها إنجازاً عظيماً للحركة
    الوطنية اليمنية، ولأن إعلان الوحدة من قبل النخب الحاكمة في الشطرين كان
    أمراً لا مفر منه بعدما تفاقمت مشاكلها السياسية والاقتصادية والاجتماعية،
    كون الدولة الشطرية نفسها دولة مولدة للأزمات، إذ إن فشل برامج التنمية
    أظهر عدم قدرة النخب الحاكمة في الشطرين على استيعاب الفئات الاجتماعية
    المتعلمة سياسياً واجتماعياً وإفساح الطريق أمامها للمشاركة في المجال
    العام، الأمر الذي خلق مزيداً من عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي تعاملت
    النخب الحاكمة معه بالعنف والقمع، فكان التحول الاضطراري لأغلبية الناشطين
    سياسياً إلى العمل المنظم سراً وتصعيد حدة الصراع مع الدولة وصولاً إلى
    اعتماد المواجهة العسكرية المباشرة. في هذا السياق كان هروب النخب الحاكمة
    الشطرية إلى الوحدة عملاً ايجابياً، لكنه عمل تكتيكي يعكس ضعف يقينهم في
    تحقيق المثل والغايات الإنسانية التي غرست في الوعي الفردي والجمعي، بوصفها
    العلامة المميزة للمشروع الوحدوي. وبوجه عام يمكن تقديم عرض موجز لأهم
    القضايا العامة والخاصة التي تناولتها مختلف الصحف والمطبوعات خلال العشرية
    الأولى من عمر تجربة التعددية الحزبية في اليمن:

    1- عملت على ترسيخ التحول الديمقراطي والتعدد الحزبي قانوناً ومؤسسياً.
    2- نبهت إلى خطورة تراكم الأزمات السياسية والاقتصادية وضرورة حلها بمشاركة جميع الأحزاب والتنظيمات والشخصيات الاجتماعية العامة.
    3- كشفت الصحف الحزبية عن تدخل بعض المؤسسات الحكومية في
    العمل الحزبي والأهلي وإعاقة تطوره. ودعت إلى عدم تدخل الدولة والحزب
    الحاكم في الصحافة الحزبية والأهلية واحترام استقلالية تنظيمات المجتمع
    المدني.
    4- تناولت الصحف الحزبية خطورة التعديلات الدستورية المتكررة ونبهت إلى أهمية التزام الدولة والحكومة النظام والقانون.
    5- ساهمت الصحف في الكشف عن عدد من الأفراد الحزبيين
    والصحافيين وغيرهم الذين تعرضوا للاعتقال واستمروا في السجون دون مسوغات
    قانونية، ونددت بحملات التكفير ضد المثقفين والإعلاميين وبمحاكمة الصحافيين
    وسجنهم بسبب تعبيرهم عن آرائهم، وطالبت بإعادة النظر في قانون المطبوعات
    الصحافية.
    6- تناولت الصحف الحزبية والأهلية خطورة منع الصحف من
    الكتابة أو النشر في عدد من الموضوعات (قضايا الفساد ونقد بعض قيادات
    الدولة من المدنيين والعسكريين)، الأمر الذي يعد تقييداً لحرية الصحافة
    وانتهاكاً للدستور والقانون ومخالفة للاتفاقات الدولية.
    7- كشف عدد من الصحف الحزبية والنقابية والأهلية بعض من
    حالات التزوير في العمليات الانتخابية في كل مراحلها بدءاً من كشوف
    الناخبين إلى يوم الاقتراع.
    8- تناول بعض الصحف الحزبية (الوحدوي، الثوري، الصحوة)، في
    مقالات جريئة قضية تجديد فترة الرئاسة، وناقشت عملية التوريث التي عدتها
    مخالفة للدستور وأهداف الثورة.
    9- تتناول الصحف الحزبية بين الحين والآخر ضرورة الإصلاح
    السياسي ومحاربة الفساد، من خلال توسيع مجالات المكاشفة والشفافية. وكشفت
    الصحف عن القوى الاجتماعية التي تقف وراء العنف وتفاقم الأزمة السياسية
    التي دعت إلى الحرب كحل للأزمة.
    10- تناول عدد من الصحف الحزبية والأهلية والرسمية بعض
    القضايا الاجتماعية المرتبطة بأوضاع الأسرة اليمنية والطفولة وتزايد انتشار
    الأمراض الخطيرة، ودعت إلى رفع الكوادر المالية للموظفين في إطار تحسين
    مستوى الدخل والمعيشة لجميع أفراد المجتمع.
    الجدير بالذكر أن ظهور أكثر من 85 مطبوعة صحافية يثير
    تساؤلات حول تمويل هذه الصحف وعلائقها، إذ إن البعض منها يعبر فعلياً عن
    منظمات المجتمع المدني (الأحزاب والنقابات والجمعيات) وبعضها الآخر يعبر
    صراحة عن النظام والحزب الحاكم، والبعض الثالث يمول عن طريق النظام على نحو
    غير مباشر ويعبر عن اتجاهه السياسي، كما أن بعض الأحزاب المعارضة، مثل حزب
    الإصلاح أنشأ وخلق عدداً من الصحف والمجلات تعبر عن اتجاهه السياسي
    والعقائدي، أي أن أحزاب المعارضة في صراعها مع الحزب الحاكم أوجدت صحفاً
    موالية لها مقابل التمويل المالي، أضف إلى ذلك ظهور عدد من الصحف ذات
    التمويل الخارجي. وهكذا جرى تسييس المطبوعات الصحافية إلى درجة يصعب معها
    أن تجد الحقيقة في ما يجري نشره، مثال على ذلك: إبان تفاقم الأزمة السياسية
    عام 1993 وأوائل عام 1994، كانت صحف الحزبين الحاكمين (المؤتمر
    والاشتراكي) وأعوانهما تنشر تُهماً موجهة من طرف ضد الطرف الآخر بالانفصال
    والفساد وإحداث العنف وعدم التزام الدستور والالتفاف على التعددية الحزبية.
    ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية عام 2004 وتزايد تأثيرها سلباً في النسيج
    الاجتماعي في الأسرة والمجتمع، ومع ظهور التمرد الذي حدث في محافظة صعدة
    واتباع الحكومة للمواجهة العسكرية، تبادلت الصحف الرسمية والحزبية التهم
    حول الأسباب التي أدت إلى هذه الأوضاع، وبخاصة دور الحزب الحاكم بوصفه
    المسؤل الأول عن تلك الأزمات والأوضاع. هنا تناولت الصحف الحزبية والأهلية
    ضرورة الإصلاح السياسي وأهمية تأليف حكومة وحدة وطنية، وأهمية مشاركة مختلف
    التنظيمات الحزبية والجمعوية في حوار وطني عام يهدف إلى وضع الحلول
    للأزمات السائدة. في الوقت نفسه تناولت الصحافة الرسمية التابعة للحزب
    الحاكم عدداً من التهم الموجهة إلى بعض أحزاب المعارضة بالعمالة والخيانة
    والارتزاق، من خلال مصادر تمويل خارجية تهدف إلى إحداث الفتن والأزمات وعدم
    الاستقرار. وقد تناولت الصحف الحزبية من جانبها تهماً مضادة للحزب الحاكم
    بأنه فشل من خلال حكومته في تحقيق برامج التنمية، وأنه المسؤول الأساسي عن
    تزايد معدلات الفقر والبطالة، وأنه المسؤول عن إحداث التمرد في صعدة كون
    هذه العملية نتاج الفساد المنتشر في مختلف مؤسسات الدولة.
    ومع أن الصحافة اليمنية (الرسمية والأهلية والحزبية) تتصف
    بمحدودية الانتشار والتوزيع، وتمركزها في المدن قد قلل من فاعليتها في
    المجال العام، فإن استخدامها في التراشق الكلامي في عمليات الصراع السياسي
    والحزبي أظهر فاعلية كبيرة لديها مقابل ضعف فاعليتها في رفع مستوى الوعي
    السياسي والاجتماعي، وفي توسيع عملية التثقيف والمعرفة كاستجابة واعية منها
    للمتغيرات الدولية التي تعد أهم سماتها المعلوماتية وبناء مجتمع المعرفة.
    وإذا كان التطور الكمي للصحف والمطبوعات يقدم إيحاءاً ايجابياً فإن الرسالة
    الإعلامية التي تنقلها وتعبر عنها لا تزال ضعيفة وغير فعالة في ترسيخ
    تجربة التعددية الحزبية والبناء الديمقراطي[31].
    إن قصور الوعي السياسي لتنظيمات المجتمع المدني، وبخاصة
    الأحزاب وانفصال القيادات عن القواعد التي تحولت في ولائها نحو القبيلة
    والعشيرة لحمايتها وتحقيق بعض مطالبها وبخاصة الوظيفية، هذه الأحزاب
    استخدمت، ولا تزال، النقابات والجمعيات والأندية مسرحاً لها، لذلك كانت
    تناقضاتها وصراعاتها موجودة في التنظيمات غير الحزبية، أي أن الأحزاب عملت
    على تسيس المنظمات الأهلية. وقد تزايد الاستخدام السياسي للجمعيات الأهلية
    من خلال اتجاه الأحزاب الكبيرة، وبخاصة حزبي المؤتمر والإصلاح، إلى تأسيس
    جمعيات تابعة لها. مثال على ذلك: حزب الإصلاح الذي يسيطر حالياً على أكبر
    جمعية في اليمن هي جمعية الإصلاح الخيرية التي تقوم بأعمال متعددة في أوساط
    الفئات الاجتماعية الأكثر حاجة إلى خدمات الصحة والإعاشة وغيرها. وكذلك
    المؤتمر الشعبي العام- الحزب الحاكم حالياً – فهو يسيطر على الجمعية
    الشعبية الخيرية التي قام بإنشائها ودعمها مالياً وإدارياً وهي تقوم بمهمات
    متعددة في مجال الرعاية والخدمة الاجتماعية. ولما كانت هيئات التعاون
    الأهلي للتطوير، أو جمعيات التنمية المحلية،قد أدتفي مرحلة سابقة
    (1975-1985) دوراً كبيراً في بلورة مفاهيم المشاركة الشعبية وتنمية المجتمع
    المحلي، فإن أحزاب المعارضة تغلغلت في هذه الهيئات للعمل في إطارها وإحكام
    سيطرتها على المجتمع المحلي، لأن النظام الحاكم لم يسمح لها بالممارسة
    العلنية ولم يستوعبها من خلال توسيع مشاركتها وتمثيلها في وضع السياسة
    العامة للدولة. لذلك جاء القانون رقم (12) عام 1985 بتحويل الهيئات
    التعاونية المنتخبة شعبياً إلى مجالس محلية للتطوير التعاوني تعمل في نطاق
    السياسة العامة ومرتبطة بالحزب الحاكم، الذي كان يهدف من جراء ذلك إلى
    توسيع قاعدته الاجتماعية وتقليص حجم أحزاب المعارضة ونفوذها. بناءً عليه
    عمل هذا القانون على إجهاض الحركة التعاونية الشعبية وجرى تقييد حركتها
    بربطها بتنظيم سياسي يسعى لتعبئة أفراد المجتمع بعيداً من مصالحهم
    الحقيقية.في هذا السياق اتجه الحزب الحاكم إلى عملية استحداث تنظيمات
    مقابلة لما هو موجود من تنظيمات مستقلة عن جهاز الدولة، فإذا ما انعقد
    مؤتمر جماهيري أو ظهرت مؤسسة غير حكومية، تقوم الحكومة باستحداث مشروع
    مماثل ومنافس أيضاً (فلكل منظمة شعبية غير حكومية هناك منظمة شعبية حكومية
    منافسة).
    خلاصة القول إن العلائق بين أطراف المجتمع المدني نفسه تتسم
    بالازدواجية والشك والتآمر(مع وجود قدر من التوافق النسبي أحياناً)، إذ
    تتصف تنظيمات المجتمع المدني، وبخاصة الأحزاب السياسية، بالتشتت والتمزق
    (كثرة الانشقاقات والصراعات). يرجع ذلك إلى تدخلات السلطة وإلى النشأة
    والعمل في مرحلة ما قبل العلنية، إضافة إلى شخصنة تلك العلائق، الأمر الذي
    ترتب عليه أن أي تغيير في سياسة الحزب وتحالفاته كان يجري وفق وجهة نظر
    القيادة الحزبية وليس وفق أيديولوجيا الحزب وأهدافه. هنا أدت السلطة دوراً
    في إبراز الصراع بين التنظيمات الحزبية والأهلية، فهي تقرب وتدعم تياراً أو
    فصيلاً في تيار ضد فصيل آخر، ثم تعمل على احتواء بعض القيادات النشيطة عن
    طريق الكسب المادي أو المعنوي أو عبر إغرائها للخروج من حزبها وتبوؤ منصب
    كبير في الحزب الحاكم أو في المؤسسات الحكومية التي يديرها (هنا برزت ظاهرة
    ارتحال الحزبيين والمثقفين من أحزابهم في المعارضة إلى الحزب الحاكم
    ومؤسسات الدولة التي يديرها)[32].

    ثامناً: غياب البرامج والسياسات التغييرية أو الإصلاحية
    عبرت تنظيمات المجتمع المدني عن سعادتها بإعلان الوحدة
    واقتران ذلك بالتعددية السياسية والحزبية، ونظرت إلى ذلك كنتاج طبيعي لنضال
    الحركة الوطنية اليمنية، التي تأسست منذ أكثر من نصف قرن. وعليه ذهبت هذه
    التنظيمات إلى تأييد إعلان الوحدة والديمقراطية وحمايتهما عن طريق الدعوة
    إلى إكمال بناء الدولة الوطنية الحديثة وتفعيل آلياتها المؤسسية والقانونية
    وإفساح المجال للمشاركة السياسية لكل القوى الاجتماعية الفاعلة. في هذا
    السياق يمكن القول إن تجديد التشريعات والقوانين أظهر سنداً قوياً للتحول
    الديمقراطي، فهذا الأخير أزاح الستار عن تنوع وتعدد الأحزاب السياسية التي
    مارست عملها سراً خلال حقبة التشطير. بناء على ذلك أظهرت القوى السياسية في
    السلطة والمعارضة تجديداً نسبياً في خطابها السياسي والأيديولوجي، وأصبح
    ينظر إلى الديمقراطية كقيمة اجتماعية وسياسية وثقافية ينبغي على الجميع،
    حكاماً ومحكومين، تعزيزها وحمايتها وترسيخ جذورها في المجتمع.
    بوجه عام يمكن القول، إنه طرأ بعض التغيير الفكري والسياسي
    للأحزاب بعد إعلان الوحدة. وإذا كانت الأحزاب الحاكمة قبل إعلان الوحدة
    ترفض التعددية السياسية فقد اختلف الأمر تماماً بعد 22 أيار/ مايو 1990،
    وإن كان التجديد الفكري للنخبة الحاكمة لا يزال مشكوكاً فيه، فهو في برامج
    الأحزاب أمر مدرك كنص مكتوب بغض النظر عن الالتزام به. ولعل أول وأهم نشاط
    حزبي وسياسي حقيقي يتضمن رؤية في التغيير والإصلاح كان الحوار الوطني، الذي
    ترتب عليه ظهور وثيقة العهد والاتفاق التي تضمنت في نصوصها التأكيد أن
    الشعب هو مالك السلطة ومصدرها، وتأكيد أهمية الديمقراطية والتعددية الحزبية
    والتداول السلمي للسلطة، وعد اللامركزية والحكم المحلي من أسس نظام الحكم
    الديمقراطي، وتأكيد احترام حقوق الإنسان وضرورة إعادة تنظيم سلطات الدولة
    ومحاربة الفساد وإصلاح الوضع الاقتصادي وإلغاء مظاهر عسكرة المجتمع. وقد
    حظيت الوثيقة بإجماع شعبي غير مسبوق وبتأييد عربي ودولي، ومثلت عملياً أول
    تصور سياسي يتسم بالوضوح وبمعالجة حقائق الواقع الاجتماعي السياسي
    الاقتصادي (مثّلت الوثيقة نقلة نوعية – طارئة - في الإدراك والوعي
    السياسيين لمختلف النخب السياسية في السلطة والمعارضة).
    وفي صدد قضية بناء الدولة الحديثة في المجتمع اليمني هناك
    ثلاثة مشاريع: الأول، مشروع إصلاح تدرجي يتسم بالبطء والحذر الشديد، وهو
    مشروع حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرئسه الرئيس عبد الله صالح، ويتصف
    هذا المشروع بالتوفيق بين التقليدي والحديث في بناء الدولة ومؤسساتها، مع
    التركيز على تغيير الشخصيات أكثر من تغيير البنى والمؤسسات؛ الثاني، مشروع
    تحديثي أشمل وأكثر راديكالية يركز على دولة النظام والقانون والحريات
    السياسية والعدالة الاجتماعية ودعم مؤسسات المجتمع المدني (دون الارتباط
    المباشر بالاشتراكية التي جرى نقدها وتجديد محتواها الكلاسيكي) ويهتم
    كثيراً بتغيير المؤسسات والبنى الهيكلية للدولة، ويقود هذا المشروع الحزب
    الاشتراكي اليمني؛ الثالث، مشروع الدولة الدينية وإن كانت معالمه التفصيلية
    غير مكتملة، ممثل هذا المشروع حزب الإصلاح الذي يتكون من تحالف القبائل مع
    الأخوان المسلمين، وهو ينادي بالحرية الاقتصادية وبناء الدولة القوية،
    ويهتم بالشورى كأعلى قيمة من الديمقراطية، ويعطي للعلماء ورجال الدين دوراً
    مهماً في المجتمع[33]..
    لعل أهم مراجعة نقدية (تغيير فكري) لبرامج وأيديولوجيات
    الأحزاب السياسية تمثل بمراجعة الحزب الاشتراكي اليمني التي بدأت قبل
    الوحدة عقب الحرب الأهلية عام 1986. تنطلق رؤية الحزب الاشتراكي في الإصلاح
    والتجديد من حقيقتين هما: الحاجة الموضوعية إلى توسيع قاعدة المشاركة في
    إدارة شؤون الدولة، والديمقراطية تعد الوسيلة الفعاّلة الوحيدة لتحقيق وحدة
    الوطن وأساس الحكم في دولة الوحدة. بناء على ذلك بلور الحزب هاتين
    الحقيقتين في برنامجه للإصلاح السياسي في نص يضمن حريات التعبير واتساعها،
    وتشجيع الرأي والرأي الآخر، وحق الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية في إصدار
    الصحف واحترام نشاط مؤسسات المجتمع المدني ودعم جهودها نحو تحقيق وحدتها
    على مستوى الوطن وضمان الاستقلالية التامة لنشاطها.
    إضافة إلى ذلك اتسعت دائرة النقد إلى أخطاء وممارسات جرت
    قبل الوحدة، إذ جاء في برنامج الإصلاح السياسي للحزب ضرورة معالجة الأخطاء
    التي حصلت بوعي أو من دون وعي بحق العمال والفلاحين والتعاونيين والصيادين
    والبرجوازية الوطنية. لذلك يرى الحزب أن عملية التطور التاريخي في اليمن
    تضمن السير على طريق التطور الديمقراطي وبناء المجتمع المدني، وبالتالي
    استكمال بناء الدولة الحديثة وتطبيق النظام والقانون[34]..
    ومن ملامح التجديد في رؤى وبرامج المؤتمر الشعبي العام إقراره لحقيقة مهمة
    هي ضرورة مشاركة مختلف القوى الاجتماعية والسياسية، إذ إن النهوض بأعباء
    التنمية ومواجهات التحديات مهمة وظيفية جماعية لا يمكن أن ينهض بها تيار
    سياسي بذاته أو فئة بعينها[35]. .
    يمكن القول إن حزب الإصلاح، على الرغم من بروز ملامح التجديد في برنامجه
    السياسي وفي خطابه العام ومع تكرار محاولاته في أن يقدم نفسه بصورة جديدة
    تنفي عنه التطرف والأصولية، فقد كان أول حزب في اليمن ندد وأدان أحداث 11
    أيلول/ سبتمبر 2001 من خلال رسالة بعث بها إلى الإدارة الأميركية، واتجه
    إلى اعتماد سياسة التقارب مع أميركا، إذ عقد عدداً من اللقاءات (المعلنة
    وغير المعلنة) مع السفير الأميركي في صنعاء، وجميعها محاولات جادة من حزب
    الإصلاح استهدفت عدم تعرض الحزب لعواقب وخيمة. مع ذلك يمكن القول إن كثيراً
    من الأفراد ذوي المرجعية الأصولية المتشددة لا تزال تسيطر على مختلف
    هيئاته القيادية ودوائر صنع القرار، ولم يحسم بعد موقفه من ترشيح المرأة
    إلى مناصب الولاية العامة[36]..
    الجدير بالذكر أن الاستفتاء على الدستور (15 و 16 أيار/
    مايو 1991) مثلَّ أهم اختبار عملي للأحزاب والتنظيمات السياسية والأهلية
    ومدى فاعليتها في المشاركة الهادفة إلى التغيير والإصلاح. وتكمن أهمية
    الاستفتاء من خلال الدلالات التي يتضمنها دستور دولة الوحدة، إذ نظر إليه
    كعقد اجتماعي جديد يجسد أول مرة مطالب الشعب وأهدافه في بناء دوله حديثة
    ذات إطار سياسي تعددي ينظر إلى أفراد المجتمع كمواطنين لا كرعايا. إلا أن
    التيار الإسلامي رفض دستور الدولة الموقع في 30 تشرين الثاني/ نوفمبر 1989
    بوصفه دستوراً علمانياً، على الرغم من تأكيده في المادة 2 أن "الإسلام دين
    الدولة" والمادة 3 أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع. وعليه
    شن حزب الإصلاح حملة مناوئة للدستور، واستخدم في ذلك وسائلة المتعددة من
    الصحف والمنشورات والخطب في المساجد[37]..
    هنا كان للتيار التحديثي دور فاعل في نجاح الاستفتاء الشعبي، وكان للحزب
    الاشتراكي اليمني وجميع التنظيمات القومية، إضافة إلى المؤتمر الشعبي،
    أدوار ملموسة عبر صحفها وأجهزة الإعلام الرسمية. كانت هذه أول عملية صراع
    بين تيارين لهما قوى اجتماعيه فعاله داخل المجتمع، لكن أهمية هذه المواجهة
    تكمن في الكشف عن حجم التيار القبلي الأصولي وخطابه السياسي، بل أسلوب
    تعامله مع أطراف المجتمع المدني الأخرى، وعن ارتباطاته الخارجية على نحو
    يترتب عليه تحقيق هدفه ببناء نظام حكم إسلامي على غرار نظام الترابي.
    إن جميع الأحزاب والتنظيمات السياسية تدعو إلى بناء الدولة
    الحديثة، لكن المفارقة تكمن في أن جميعها لا تمتلك رؤية متكاملة تتضمن
    مشروعاً وطنياً في الإصلاح السياسي، بل إن الحزب الحاكم الذي يردد على نحو
    مستمر أهمية الإصلاح السياسي وبناء الدولة الحديثة، إضافة إلى كونه يسيطر
    على أغلبية مقاعد البرلمان، لم يستطعأن يخطو خطوة جريئة واحدة تجاه الإصلاح
    السياسي الهادف إلى بناء الحكم الجيد. ولما كان إعلان الوحدة واقترانه
    بالتعددية الحزبية قد مثل أول خطوة حقيقية - غير مكتملة - في بناء دولة
    وطنية حديثة، فإن ذلك لم يصاحبه وضع آليات قانونية وتنظيمية لإعادة هيكلة
    البناء الإداري للدولة وتصحيح أوجه القصور فيه. ولعل تفاقم الصراع السياسي
    ثم العسكري يؤكد ما نذهب إليه من عدم مصداقية النخبة الحاكمة في التغيير أو
    الإصلاح. وهنا يرى الباحث ازدواجية وتناقض بين النص في الخطاب أو البرنامج
    السياسي وبين الممارسة العملية، وبخاصة خلال السنوات الخمس منذ إعلان
    الوحدة التي اتسمت بقدر كبير من الصراعات ومثلت اختباراً حقيقياً لمختلف
    الأحزاب السياسية.
    في هذا السياق يمكن القول إنه مع تطبيق برنامج الإصلاح
    الاقتصادي المدعوم من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي تزايد معدل الفقر
    والبطالة وتزايد مقدار الحرمان والمعاناة لدى أغلبية الأسر اليمنية، وبخاصة
    مع إغلاق الحكومة باب التوظيف الرسمي، ومع بروز مظاهر الفساد واستمرار
    تعدد الحكومات وتنوعها في إطار توازن قبلي مناطقي مذهبي. كل ذلك أظهر
    تزيداً كبيراً في عمليات النقد من خلال الصحافة الحزبية والأهلية واتساع
    حجم القوى المنادية بالإصلاح والتغيير السياسي والاقتصادي. هنا زادت
    الحكومة من قبضتها الحديدية في التعامل مع منتقديها، إذ جرت محاكمة عدد من
    الصحافيين والكتاب وعدد من الصحف الحزبية وصولا إلى تجميد بعضها. في ضوء
    ذلك برزت ظاهرة اهتزاز ثقة الشعب في الحكومة وسياساتها الاقتصادية التي نظر
    إليها أغلبية الأفراد (وبخاصة الطبقة المتوسطة) أنها لا تحمل في ذاتها أي
    أمل حقيقي في تحسن أحوالهم المعيشية حاضراً وتزيد من تخوفهم مستقبلاً، بل
    إن بناء المستقبل ينظر إليه البعض بخوف وكأنه المجهول[38]. .
    ومع غياب مشروع التغيير أو الإصلاح من قبل أحزاب المعارضة فنحن لا نعثر في
    برامج الأحزاب وأدبياتها على رؤية نظرية متماسكة حول طبيعة النظام
    الديمقراطي والتعددية الحزبية، بل نجد عموميات هي أقرب إلى اليوتوبيا. في
    هذا السياق يمكن القول إن التعددية الحزبية وحرية الرأي والتعبير والتنظيم
    لا يمكن ضمانها إلا بالحكم الصالح الذي يمثل ضمانة لعقلانية اتخاذ القرار،
    فالتعددية تتطلب العقلانية كمنهج فكري وكثقافة تحرص على التوفيق بين
    المصالح في إطار مفاهيم الحوار والاقناع والمحاججة وبناء الثقة بين السلطة
    والمعارضة.


      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس 16 مايو 2024, 2:14 am